مُعَرَّبُ (نَشْخُوَارْ) بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ مَا تُبْقِيهِ الدَّابَّةُ مِنْ عَلَفِهَا. وَقِيلَ: مُشْتَقَّةٌ مِنْ شَارَ الْعَسَل أَي جناه مِنَ الْوَقْبَةِ لِأَنَّ بِهَا يُسْتَخْرَجُ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ فِي الْأَمْرِ الْمُهِمِّ الْمُشكل من شؤون الْمَرْءِ فِي نَفسه أَو شؤون الْقَبِيلَة أَو شؤون الْأُمَّةِ.
وَ (الْ) فِي الْأَمْرِ لِلْجِنْسِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ الْمُهِمُّ الَّذِي يُؤْتَمَرُ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَمْرٌ أَمِرٌ، وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِأَصْحَابِهِ- فِي حَدِيثِ هِرَقْلَ-: «لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ» . وَقِيلَ: أُرِيدَ بِالْأَمْرِ أَمْرُ الْحَرْبِ فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ.
وَظَاهِرُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُشَاوَرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي يُقْصَدُ مِنْهَا الِاسْتِعَانَةُ بِرَأْيِ الْمُسْتَشَارِينَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ: فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فضمير الْجَمِيع فِي قَوْلِهِ:
وَشاوِرْهُمْ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً: أَيْ شَاوِرِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ بَيْنِ مَنْ لِنْتَ لَهُمْ، أَيْ لَا يَصُدُّكَ خَطَلُ رَأْيِهِمْ فِيمَا بَدَا مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ عَنْ أَنْ تَسْتَعِينَ بِرَأْيِهِمْ فِي مَوَاقِعَ أُخْرَى، فَإِنَّمَا كَانَ مَا حَصَلَ فلتة مِنْهُم، وَعشرَة قَدْ أَقَلْتُهُمْ مِنْهَا.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ اسْتِشَارَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، فَالْمُرَادُ الْأَخْذُ بِظَاهِرِ أَحْوَالِهِمْ وَتَأْلِيفِهِمْ، لَعَلَّهُمْ أَنْ يُخْلِصُوا الْإِسْلَامَ أَوْ لَا يَزِيدُوا نِفَاقًا، وَقَطْعًا لِأَعْذَارِهِمْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ.
وَقَدْ دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الشُّورَى مَأْمُورٌ بهَا الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِ (الْأَمْرِ) وَهُوَ مُهِمَّاتُ الْأُمَّةِ وَمَصَالِحُهَا فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ فِي غَيْرِ أَمْرِ التّشريع لأنّ أَمر التَّشْرِيعِ إِنْ كَانَ فِيهِ وَحْيٌ فَلَا مَحِيدَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَحْيٌ وَقُلْنَا بِجَوَازِ الِاجْتِهَاد للنّبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي التَّشْرِيعِ فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ الشُّورَى لِأَنَّ شَأْنَ الِاجْتِهَادِ أَنْ يَسْتَنِدَ إِلَى الْأَدِلَّةِ لَا لِلْآرَاءِ، وَالْمُجْتَهِدُ لَا يَسْتَشِيرُ غَيْرَهُ إِلَّا عِنْدَ الْقَضَاءِ بِاجْتِهَادِهِ. كَمَا فَعَلَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ.
فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُشَاوَرَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا هُنَا هِيَ الْمُشَاورَة فِي شؤون الْأُمَّةِ وَمَصَالِحِهَا، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِهَا هُنَا وَمَدَحَهَا فِي ذِكْرِ الْأَنْصَارِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ [الشورى:
٣٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute