الدنيا. {عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ:} قال ابن المبارك: ذكر لنا: أن كعبا كان يقول: إن بين الجنة، والنار كوى، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدوّ له كان في الدنيا اطلع من بعض الكوى. قال الله تعالى في سورة (الصافات) الآية رقم [٥٥]: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ}. قال: ذكر لنا: أنه اطلع فرأى جماجم القوم تغلي. وذكر ابن المبارك أيضا؛ قال: أخبرنا الكلبي عن أبي صالح في قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٥]: {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}. قال: يقال لأهل النار؛ وهم في النار: اخرجوا! فتفتح لهم أبواب النار، فإذا رأوها قد فتحت؛ أقبلوا إليها يريدون الخروج، والمؤمنون على الأرائك ينظرون إليهم، فإذا انتهوا إلى أبوابها؛ غلّقت دونهم، فذلك قوله تعالى:{اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} ويضحك المؤمنون منهم حين غلّقت دونهم، فذلك قوله تعالى:{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفّارِ يَضْحَكُونَ..}. إلخ. وفي سبب هذا الضحك وجوه: منها: أن الكفار كانوا يضحكون على المؤمنين في الدنيا بسبب ما هم فيه من الضر، والبؤس، وفي الآخرة يضحك المؤمنون على الكفار بسبب ما هم فيه من الصغار، والهوان بعد العز، والكبر، ومن ألوان العذاب بعد النعيم، والترفه. ومنها: أنهم علموا: أنهم كانوا في الدنيا على غير شيء، وأنهم باعوا الباقي بالفاني. ومنها: أنهم يرون أنفسهم قد فازوا بالنعيم المقيم. ومنها أنه يقال لأهل النار؛ وهم فيها: اخرجوا، وتفتح لهم أبوابها، فإذا رأوها؛ وقد فتحت أبوابها؛ أقبلوا إليها يريدون الخروج، والمؤمنون ينظرون إليهم، فإذا انتهوا إلى أبوابها؛ أغلقت دونهم. يفعل ذلك بهم مرارا، فذلك سبب الضحك. ومنها: أنهم إذا دخلوا الجنة، وأجلسوا على الأرائك؛ ينظرون إلى الكفار كيف يعذبون في النار، ويرفعون أصواتهم بالويل، والثبور، ويلعن بعضهم بعضا؟. انتهى. جمل نقلا من الخطيب.
{هَلْ ثُوِّبَ} أي: هل جوزي الكفار، وأثيبوا؟! وهو من: ثاب، يثوب: إذا رجع، وثوب، وأثيب بمعنى واحد. قال أوس بن حجر، يخاطب مؤنثا من: امرأة، أو نفسه، أو ناقته:[الطويل]
سأجزيك أو يجزيك عنّي مثوّب... وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي
هذا؛ والتثويب في أذان الفجر أن يقول المؤذن بعد قوله:(حي على الفلاح): (الصلاة خير من النوم). ورجل ثيب، وامرأة ثيب. قال ابن السكيت: وهو الذي دخل بامرأة، وهي التي دخل بها. والثواب، والمثوبة: جزاء الطاعة. قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٠٣]: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ} هذا؛ وينبغي للقارئ، والسامع أن يقول في آخر هذه الآية: نعم.
الإعراب:{فَالْيَوْمَ:} الفاء: حرف استئناف. (اليوم): ظرف زمان متعلق بالفعل {يَضْحَكُونَ}.
{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، وجملة:{آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {مِنَ الْكُفّارِ:} متعلقان بما بعدهما. {يَضْحَكُونَ:} فعل