للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلكت الرجل. قال: فانطلق الأبيض. فتعرض لرجل، فخنقه، ثم جاء في صورة رجل متطبب فقال لأهله: إن بصاحبكم جنونا، أفأعالجه. قالوا: نعم، فعالجه، فلم يفد، فقال لهم: إني لا أقوى على جنته. ولكن سأرشدكم إلى من يدعو الله، فيعافيه، انطلقوا إلى برصيصا، فإن عنده الاسم الذي إذا دعا به أجيب! قال: وانطلقوا إليه، فسألوه ذلك، فدعا بتلك الدعوات، فذهب عنه الشيطان، فكان الأبيض يفعل ذلك بالناس، ويرشدهم إلى برصيصا، فيدعو لهم، فيعافون، فانطلق الأبيض: فتعرض لجارية من بنات ملوك بني إسرائيل، ولها ثلاثة إخوة، وكان أبوهم هو الملك.

فلما مات؛ استخلف أخاه، فكان عم تلك الجارية ملك بني إسرائيل، فخنقها، وعذبها، ثم جاء إليهم كما كان يأتي الناس في صورة متطبب، فقال لهم: أعالجها. قالوا: نعم، فقال: إن الذي عرض لها مارد لا يطاق، ولكن سأرشدكم إلى من تثقون به تدعونها عنده، فإذا جاء شيطانها دعا لها، فإذا علمتم: أنها قد عوفيت تردونها صحيحة. قالوا: ومن هو؟ قال:

برصيصا. قالوا: وكيف لنا أن يجيبنا إلى هذا، وهو أعظم شأنا من ذلك؟! قال: فانطلقوا، فابنوا صومعة إلى جنب صومعته حتى تشرف عليه، فإن قبلها، وإلا فضعوها في صومعتها، وقولوا له هذه أمانة عندك، فاحتسب أمانتك. قال: فانطلقوا، فسألوه ذلك، فأبى عليهم، فبنوا صومعة على ما أمرهم الأبيض، ثم انطلقوا، فوضعوا الجارية، في صومعتها، وقالوا: يا برصيصا هذه أختنا أمانة عندك، فاحتسب فيها، ثم انصرفوا، فلما انفتل برصيصا! عن صلاته عاين الجارية، وما هي عليه من الجمال، فوقعت في قلبه، ودخل عليه أمر عظيم، فجاءها الشيطان، فخنقها، فدعا برصيصا بتلك الدعوات، فذهب الشيطان عنها، ثم أقبل برصيصا على صلاته، فجاءها الشيطان فخنقها، فكانت تكشف عن نفسها، وتتعرض لبرصيصا، فجاءه الشيطان، وقال له: ويحك واقعها، فلم تجد مثلها، وستتوب بعد ذلك، فتدرك ما تريد من الأمر، فلم يزل به حتى واقعها. فلم يزل كذلك يأتيها حتى حملت، وظهر حملها، فقال له الشيطان: ويحك يا برصيصا قد افتضحت، فهل لك أن تقتلها وتتوب؟ فإن سألوك، فقل: ذهب بها شيطانها، فلم أقف عليه! فقتلها، ثم انطلق بها، فدفنها إلى جانب الجبل، فجاء الشيطان، وهو يدفنها بالليل، فأخذ بطرف إزارها، فبقي خارجا من التراب، ثم رجع برصيصا إلى صومعته، وأقبل على صلاته؛ إذ جاء إخوتها، يتعاهدون أختهم، وكانوا يجيئون في بعض الأيام يسألون عنها، ويوصونه بها.

فقالوا: يا برصيصا! ما فعلت أختنا؟ قال: قد جاء شيطانها، فذهب بها، ولم أطقه! فصدقوه وانصرفوا، فلما أمسوا، وهم مكروبون جاء الشيطان إلى أكبرهم في منامه، فقال:

ويحك إن برصيصا فعل بأختك كذا، وكذا، وإنه دفنها في موضع كذا، وكذا، فقال: هذا حلم، وهو من الشيطان، إن برصيصا خير من ذلك، فتتابع عليه ثلاث ليال، فلم يكترث به، فانطلق

<<  <  ج: ص:  >  >>