للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماع، أو لمس بشهوة، أو غير ذلك. وهو أولى؛ لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.

ثم الرقبة الواجب إعتاقها أن تكون كاملة سليمة من كل عيب، ومن كمالها: إسلامها عند مالك، والشافعي، كالرقبة في كفارة القتل، حملا للمطلق على المقيد. وعند أبي حنيفة، وأصحابه:

تجزئ الكفارة؛ ولو كانت كافرة. {ذلِكُمْ} أي: الحكم المذكور. {تُوعَظُونَ بِهِ} يعني: أن غلظ الكفارة وعظ حتى تتركوا الظهار، وتبتعدوا عنه. وهو دليل على أن الظهار جناية، وجريمة، فيجب أن تتعظوا بهذا الحكم؛ حتى لا تعودوا إلى الظهار، وتخافوا عقاب الله عليه، {وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ:} لا تخفى عليه خافية من أعمالكم، من التفكير وغيره، وخبير بالتدابير الظاهرة، والباطنة، وخبير بمصالح العباد، وحاجاتهم، وفاقتهم، وخبير بنيات العباد، وأفعالهم وأقوالهم.

هذا؛ والألفاظ المستعملة للظهار في الشريعة، وعرف الفقهاء الأصل فيه قول الرجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي، وأنت مني، أو معي، أو عندي كظهر أمي. وكذا لو قال: أنت عليّ كبطن أمي، أو كرأس أمي، أو كيد أمي، أو قال: بطنك، أو رأسك، أو يدك عليّ كظهر أمي، أو شبه عضوا منها بعضو من أعضاء أمه يكون ذلك ظهارا. وهذا عند الشافعي-رضي الله عنه-. وقال أبو حنيفة-رضي الله عنه-: والظهار أن يقول الرجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي، وإذا وضع موضع أنت عضوا منها يعبر به عن الجملة، أو مكان الظهر عضوا آخر، يحرم النظر إليه من الأم، كالبطن، والفخذ، أو مكان الأم ذات رحم محرم منه بنسب، أو رضاع، أو صهر، أو جماع، نحو أن يقول: أنت عليّ كظهر أمي من الرضاع، أو عمتي من النسب، أو امرأة ابني، أو أبي، أو أم امرأتي، أو ابنتها، فهو مظاهر. انتهى. نسفي، والأول من الخازن، والنسفي حنفي، والخازن شافعي.

ولو قال: أنت عليّ كأمي، أو كروح أمي، وأراد به الإعزاز، والإكرام، لا يكون ظهارا، حتى ينويه، ويريده، وهذا ما يسمى كناية. هذا؛ ولا يجوز له أن يطأها حتى يكفر لقوله تعالى:

{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا}. هذا؛ وأركان الظهار أربعة: صيغة، وهي أن يقول: أنت عليّ كظهر أمي، ونحوه مما تقدم، ومظاهر، وهو الزوج، ومظاهر منها، وهي الزوجة، ومشبه به، وهي الأم ونحوها مما تقدم. والله أعلم.

تنبيه: الظهار من الكبائر، وإذا امتنع المظاهر من الكفارة فللمرأة أن ترافعه، وعلى القاضي أن يجبره على أن يكفر، وأن يحبسه، ولا شيء من الكفارات يجبر عليه، ويحبس إلا كفارة الظهار؛ لأنه يضرّ بها في ترك التكفير، والامتناع من الاستمتاع، فإن مس من قبل أن يكفر استغفر الله، ولا يعود حتى يكفر، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَالَّذِينَ:} (الواو): حرف عطف. (الذين): مبتدأ، والجملة الفعلية بعده صلة الموصول، لا محل لها. {ثُمَّ:} حرف عطف. {يَعُودُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه

<<  <  ج: ص:  >  >>