من يقصر أحكام الآخرة على الأرواح-لا تموت، ولا تتغير، ولا تفسد، وهو حي لنفسه لا يتطرق إليه موت، ولا غشية ولا فناء. انتهى. قرطبي.
وقال ابن زيد في هذه الآية: خلقهم في ظهر آدم، وأخرجهم، وأحياهم، وأخذ عليهم الميثاق، ثم أماتهم، ثم أحياهم في الدنيا، ثم أماتهم. {فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا:} اعترفوا حيث لا ينفعهم الاعتراف، وندموا؛ حيث لا ينفعهم الندم.
{فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} أي: فهل أنت محيينا إلى أن تعيدنا إلى الدار الدنيا؟ فإنك قادر على ذلك؛ لنعمل غير الذي كنا نعمل، فإن عدنا فإنا ظالمون، فأجيبوا: أن لا سبيل إلى عودكم إلى الدار الدنيا. ثم علل ذلك المنع بأن سجاياكم لا تقبل الحق، ولا تقتضيه، بل تمجه، وتنفيه، وهذا المعنى تكرر في سورة (السجدة) رقم [١٢]، وفي سورة (الأنعام) رقم [٢٧]، وفي سورة (المؤمنون) رقم [١٠٧]، وفي سورة (فاطر) رقم [٣٧] انظر شرحها، وتفصيلها في محالها. هذا؛ ولا تنس الطباق بين {أَمَتَّنَا} و (أحييتنا) وهو من المحسنات البديعية.
هذا؛ وفي الاستفهام يأس، وقنوط، واستحالة مفرطة، كأنهم لفرط ما يكابدونه يتمنون الخروج من هذا الأسى المطبق من الهول المستحكم، ولكن أي تمن هذا؟! إنه تمني من غلب عليه اليأس، والقنوط، وإنما يقولون ذلك تعللا، وتحيرا، ولهذا جاء الجواب على حسب ذلك، وهو ما في الآية التالية.
الإعراب:{قالُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق.
{رَبَّنا:} منادى حذفت منه أداة النداء منصوب، و (نا): في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {أَمَتَّنَا:} فعل ماض مبني على السكون، والتاء فاعله، و (نا) مفعوله. {اِثْنَتَيْنِ:} نائب مفعول مطلق منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الفعلية مع الجملة الندائية قبلها في محل نصب مقول القول، وجملة:{وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} معطوفة على ما قبلها، وإعرابها مثلها بلا فارق. (اعترفنا): فعل، وفاعل. {بِذُنُوبِنا:} متعلقان بما قبلهما، و (نا):
في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {فَهَلْ:} الفاء: حرف استئناف. (هل): حرف استفهام. {إِلى خُرُوجٍ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم {مِنْ:}
حرف جر صلة. {سَبِيلٍ:} مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الاسمية مستأنفة، أو معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول على الاعتبارين، وجملة:{قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.