العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ». قلن: وما نقصان عقلنا، وديننا يا رسول الله؟! قال: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرّجل؟» قلن:
بلى! قال: «فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصلّ، ولم تصم؟» قلن: بلى يا رسول الله! قال: «فذلك من نقصان دينها».
هذا؛ وأمّا نكران العشير؛ فقد فسّر في حديث آخر بأنّ الرجل مهما صنع مع المرأة من معروف، ثم رأت ما يغيّر خاطرها؛ تقول: ما رأيت منك خيرا قط! وهذا واقع، وكثير في هذا الزمن.
{قُلْ هُوَ أَذىً} أي: هو شيء تتأذّى به المرأة، وغيرها، وهو كناية عن القذر، ويطلق أيضا على القول المكروه، ومنه قوله تعالى في الآية رقم [٢٦٤]: {لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى} وقوله تعالى في سورة (الأحزاب) رقم [٤٨]: {وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ} وفي حديث شعب الإيمان: «وأدناها إماطة الأذى عن الطريق».
{فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ} أي: في زمن الحيض، أو في محلّه، فظهر بذلك: أنّ المحيض يطلق على الحيض نفسه إذا كان مصدرا، وعلى زمانه، وعلى مكانه، وهذا مقرّر في القواعد النحوية، مثل قوله تعالى في سورة (طه) حكاية عن قول فرعون الطاغية لموسى-عليه السّلام-: {فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ} ف {مَوْعِداً} يحتمل اسم الزمان، واسم المكان. أمّا كيفية اعتزال الرجل المرأة في أيام حيضها، ونفاسها أيضا؛ فقد روي في ذلك حديثان: الأول: قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم، لمن سأله: ما يحلّ لي من امرأتي وهي حائض؟ قال:
«شدّ عليها إزارها، ثمّ شأنك بأعلاها». ومثله قوله صلّى الله عليه وسلّم لعائشة-رضي الله عنها-: «شدّي عليك إزارك، ثمّ عودي إلى مضجعك». وقال صلّى الله عليه وسلّم: «اصنعوا كلّ شيء إلاّ النّكاح». والأول أحوط؛ لأنّ من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
{وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ:} هو كناية عن جماعهنّ، وهو أبلغ في النهي عن التعبير بالجماع.
وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٨٦]. هذا؛ ويقرأ الفعل بتسكين الطاء، وتشديدها على أن أصله:
يتطهّرن، فعل به ما فعل بقوله تعالى: {يَطَّوَّفَ} في الآية رقم [١٥٨]. {فَإِذا تَطَهَّرْنَ} أي:
اغتسلن بالماء، وهو قول الشافعي، ومالك، وأحمد رضي الله عنهما. وقال أبو حنيفة، وصاحباه-رضي الله عنهم-: إن انقطع دمها بعد مضي عشرة أيام جاز له أن يطأها قبل الغسل، وإن كان انقطاعه قبل العشرة؛ لم يجز حتى تغتسل، أو يدخل عليها وقت صلاة، واختلف في الزوجة الكتابية، هل تجبر على الاغتسال، من الحيض، والنفاس، أو لا تجبر؟ لا شكّ إن امتنع عنها مدّة؛ فإنها تخضع، وتغتسل بدون إكراه لها، وهو أفضل له.
{فَأْتُوهُنَّ:} جامعوهن، وهو كناية أيضا، وهذا شأن الله-جلّ الله، وتعالى شأنه-في كتابه من استعمال الكنايات في الألفاظ غير الحسنة. {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ:} {مِنْ} بمعنى «في»