جعلنا الكتاب. قاله الحسن، والثاني: جعلنا موسى. قاله قتادة. هذا؛ وقيل: الضمير يعود إلى ملك الموت لتقدم ذكره. وقيل: يعود على الرجوع المفهوم من قوله: {ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}.
وقيل: يعود على ما يفهم من سياق الكلام مما ابتلي به موسى من البلاء، والامتحان؛ أي: لا بد أن تلقى ما لقي موسى من قومه. وهذه أقوال ضعيفة ذكرتها للتنبيه على ضعفها، وأظهرها: أن الضمير إما لموسى، وإما للكتاب. انتهى. جمل نقلا عن السمين بتصرف مني.
الإعراب:{وَلَقَدْ:} الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. هذا؛ وبعضهم يعتبر الواو عاطفة، وبعضهم يعتبرها حرف استئناف، ويعتبر: أن الجملة الآتية جوابا لقسم محذوف ولا أسلمه أبدا؛ لأنه على هذا يكون قد حذف واو القسم، والمقسم به، ويصير التقدير: وو الله أقسم، أو: وأقسم والله. اللام: واقعة في جواب القسم المحذوف، وبعضهم يقول: موطئة للقسم، والموطئة معناها: المؤذنة، وهذه اللام إنما تدخل على «إن» الشرطية لتدل على القسم المتقدم على الشرط، وتكون الجملة الآتية جوابا للقسم المدلول عليه باللام، والمتقدم على الشرط حكما، كما في قوله تعالى:{لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ..}. إلخ الآية رقم [١٢] من سورة (الحشر) افهم هذا؛ واحفظه، فإنه جيد. فإن قيل: ما ذكرته من إعراب يؤدي إلى حذف المقسم به، وبقاء حرف القسم. فالجواب: أنه قد حذف المقسم به حذفا مطردا في أوائل السور، مثل قوله تعالى:
{وَالضُّحى}. {وَالسَّماءِ وَالطّارِقِ} وغير ذلك فإن التقدير: ورب الضحى! ورب السماء! ... إلخ، والدليل: التصريح به في قوله تعالى: {فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ..}. إلخ الآية رقم [٢٣] من سورة (الذاريات)، وحذف المقسم به ظاهر في قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها..}. إلخ الآية رقم [٧١] من سورة (مريم). وأظهر منه في قوله تعالى:{وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} الآية رقم [٧٣] من سورة (المائدة)، فالواو في الآيتين حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف بلا ريب. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال.
{آتَيْنا:} فعل، وفاعل. {مُوسَى:} مفعول به أول منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر. {الْكِتابَ:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية {(لَقَدْ آتَيْنا...)} إلخ جواب القسم، لا محل لها، والقسم، وجوابه كلام مستأنف، لا محل له.
{فَلا:} الفاء: حرف عطف على رأي من يجيز عطف الإنشاء على الخبر، وابن هشام يعتبرها للسببية المحضة، وأراها الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر، التقدير: وإذا كان ذلك واقعا؛ فلا... إلخ. (لا): ناهية. {تَكُنْ:} فعل مضارع ناقص مجزوم ب: (لا)، واسمه ضمير مستتر فيه تقديره: أنت. {فِي مِرْيَةٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر: {تَكُنْ}. {مِنْ لِقائِهِ:} جار ومجرور متعلقان ب: {مِرْيَةٍ،} أو بمحذوف صفة لها، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف. وقيل: من إضافة المصدر