في حال قيامك، وركوعك، وسجودك، وقعودك. وقيل: مع المصلين في الجماعة، يقول: يراك إذا صليت وحدك، ومع الجماعة. وقيل: معناه: يرى تقلب بصرك في الساجدين، أي:
المصلين، فإنه صلّى الله عليه وسلّم كان يبصر من خلفه كما يبصر من قدامه.
فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«هل ترون قبلتي هاهنا، فو الله ما يخفى عليّ خشوعكم، ولا ركوعكم، إنّي لأراكم من وراء ظهري». وقيل: معناه: يرى تصرفك، وذهابك ومجيئك في أصحابك المؤمنين، وتصفح أحوال المجتهدين منهم، وكيف يعبدون الله، وكيف يعملون لآخرتهم، كما يحكى: أنه حين نسخ فرض قيام الليل؛ طاف تلك الليلة ببيوت أصحابه؛ لينظر ما يصنعون؛ لحرصه عليهم، وعلى ما يوجد منهم من فعل الطاعات، وتكثير الحسنات، فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع منها من دندنتهم بذكر الله، وتلاوة القرآن. انتهى. كشاف.
وقال ابن عباس-رضي الله عنهما، وهو قول آخر له-: أراد: وتقلبك في أصلاب الأنبياء من نبي إلى نبي؛ حتى أخرجتك في هذه الأمة، ويؤيد هذا ما روي من قوله صلّى الله عليه وسلّم:«أنا أشرفكم نسبا، وحسبا، وصهرا، خرجت من نكاح كنكاح الإسلام لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء».
وقوله صلّى الله عليه وسلّم:«لم أزل أنتقل من الأصلاب الطّاهرات إلى الأرحام الزّاكيات». والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
هذا؛ ويكون على الرأي الأخير {السّاجِدِينَ} بمعنى: المؤمنين، ويكون جميع أصوله رجالا ونساء مؤمنين من لدن آدم وحواء إلى عبد الله، وآمنة، وأورد على هذا آزر أبو إبراهيم، فإنه كان كافرا بمقتضى نص الآيات القرآنية، وأجاب بعضهم: بأنه كان عم إبراهيم لا أباه، وأجاب بعضهم بجواب أحسن من هذا، وهو أن قولهم: أصول محمد صلّى الله عليه وسلّم لم يدخلهم الشرك: محله ما دام النور المحمدي في الذكر، وفي الأنثى، فإذا انتقل منه لمن بعده أمكن أن يعبد غير الله، وآزر ما عبد الأصنام، إلا بعد انتقال النور منه لإبراهيم، وأما قبل انتقاله؛ فلم يعبد غير الله.
الإعراب:{وَتَوَكَّلْ:} الواو: حرف عطف، وقرئ بالفاء. (توكل): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت»، والجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة:(أنذر...) إلخ لا محل لها مثلها، وعلى قراءة الفاء، فهي معطوفة على جملة:(قل...) إلخ وهي متضمنة معنى البدلية منها. {عَلَى الْعَزِيزِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {الرَّحِيمِ:} بدل من العزيز. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة {الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ،} أو في محل جر بدل منهما، أو هو في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، أو هو في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير:
هو الذي، أو هو مفعول به لفعل محذوف، التقدير: أعني، أو أمدح، ونحوهما. {يَراكَ:}
فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {الَّذِي} وهو العائد، والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول