للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا العصر، الذي يبلغ فيه عدد الحجاج كل عام مئات الألوف، وقد تطورت فيه الأوضاع الاجتماعية والسياسية، والعمرانية: أنه يجوز بيع دور مكة، وإجارتها، وهو قول طاووس، وعمرو بن دينار، وإليه ذهب الشافعي، رحمه الله تعالى، وقد احتج في ذلك بقوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ} فقد أضاف الديار إلى مالكيها، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم فتح مكة: «من أغلق بابه، فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن». فنسب الديار إليهم نسبة ملك، واشترى عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-دار صفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم، وجعلها سجنا، فدلت هذه النصوص على جواز بيعها.

{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ} أي: في المسجد الحرام. {بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ:} الإلحاد: الميل، والعدول عن القصد. قيل: المراد فيه هنا: الشرك، وعبادة غير الله تعالى. وقيل: هو كل شيء كان منهيا عنه من قول، أو فعل؛ حتى شتم الخادم، وهو المعتمد، وقيل: هو دخول الحرم بغير إحرام، أو ارتكاب شيء من محظورات الحرم، من قتل صيد، وقطع شجر. والمعتمد ما ذكرته. {نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ:} انظر الاستعارة في الآية رقم [٩].

هذا؛ و (يصدون) بمعنى: يمنعون، ويصرفون، وهو بضم الصاد. هذا؛ ويأتي بمعنى:

يعرضون، ويميلون، كما في قوله: {رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} ويأتي بضم الصاد، وكسرها، كما يأتي بمعنى: يضجون فرحا، وهو بكسر الصاد، كما في قوله تعالى: {وَلَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} ومصدر الأولين: صد، وصدود، ومصدر الأخير: صديد.

أما {سَواءً} فهو مصدر بمعنى الاستواء، فلذا صح الإخبار به عن متعدد في كثير من الآيات. وقيل: هو بمعنى مستو. وهو لا يثنى، ولا يجمع، قالوا: هم، وهما سواء، فإذا أرادوا لفظ المثنى؛ قالوا: سيان، وإن شئت قلت: سواآن، وفي الجمع: هم أسواء، وهذا كله ضعيف، ونادر، وأيضا على غير القياس: هم سواس، وسواسية، أي: متساويان، ومتساوون، هذا؛ والسّواء أيضا: العدل، والوسط، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ} وانظر الآية رقم [١٠٩] من سورة (الأنبياء).

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها. {كَفَرُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مع المتعلق المحذوف صلة الموصول لا محل لها. (يصدون): مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، ومفعوله محذوف. {عَنْ سَبِيلِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و {سَبِيلِ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، وجملة: {وَيَصُدُّونَ..}. إلخ معطوفة على جملة الصلة، على تأويل الفعل بالماضي، أي:

وصدوا، أو على تأويل الأول بالمضارع، أي: يكفرون، ويصدون، وقيل: جملة:

(يصدون...) إلخ في محل نصب حال، وهذا لا يسوغ إلا على تقدير مبتدأ، أي: وهم

<<  <  ج: ص:  >  >>