للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رآها موسى عليه السّلام؛ خاف منها: {وَلّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ} فقال الله له: {خُذْها وَلا تَخَفْ} وإنما أظهر له هذه الآية لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون. ويقال: إن العصا كانت بعد ذلك تماشيه، وتحادثه، ويعلق عليها أحماله، وتضيء له الشعبتان بالليل كالشمع. وقيل: إنها كانت من آس الجنة. وقيل: أتاه جبريل بها. وقيل: قال له شعيب عليه الصلاة والسّلام: خذ عصا من ذلك البيت، فوقعت بيده تلك العصا، وكانت عصا آدم عليه السّلام هبط بها من الجنة.

{فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى:} قيل: لما ألقاها؛ انقلبت حية صفراء بغلظ الإصبع، ثم تورمت، وانتفخت، وعظمت، فلذلك سماها الله تارة جانا نظرا إلى المبدأ، وتارة ثعبانا باعتبار المنتهى، وحية تارة أخرى باعتبار الحالين. {سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى:} إلى هيئتها، وحالتها المتقدمة، فلما قال الله له ذلك؛ اطمأنت نفسه، فأدخل يده في فمها، وأخذ بلحييها، فعادت كما كانت.

هذا؛ والسيرة: الحالة التي يكون عليها الإنسان غريزية كانت، أو مكتسبة، وهي في الأصل فعلة من السير، كالركبة من الركوب، ثم استعملت بمعنى: الحالة، والطريقة. قال خالد بن زهير الهذلي: [الطويل]

فلا تجزعن من سيرة أنت سرتها... فأوّل راض سنّة من يسيرها

تنبيه: إلقاء العصا، وانقلابها حية حصل ثلاث مرات: الأولى في طريق عودته من مدين إلى مصر، وهي المذكورة هنا، والثانية كانت بحضرة فرعون، وكانت سببا في جمع السحرة، والثالثة كانت بحضرة السّحرة، كما ستعرفه في الآيات التالية.

الإعراب: {قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى (الله). {أَلْقِها:} أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل تقديره: «أنت». {يا مُوسى:} انظر الآية رقم [١١] والجملة الندائية مع الجملة الفعلية قبلها في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}.

إلخ مستأنفة، لا محل لها. {فَأَلْقاها:} الفاء: حرف عطف. (ألقاها): ماض مبني على فتح مقدر على الألف، والفاعل يعود إلى {مُوسى،} و (ها): مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:

{قالَ..}. إلخ لا محل لها مثلها. {فَإِذا:} الفاء: انظر الآية رقم [٦٦] الآتية.

والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{تَسْعى:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، والفاعل يعود إلى {حَيَّةٌ} والجملة الفعلية في محل رفع صفة {حَيَّةٌ} وقيل: في محل رفع خبر ثان. وقيل: في محل نصب حال من {حَيَّةٌ،} وكأن القائل يريد: أنها علم. {قالَ:} ماض، والفاعل يعود إلى (الله)، {خُذْها:} أمر، وفاعله: أنت، و (ها): مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. {وَلا تَخَفْ:} مضارع مجزوم ب‍: (لا) الناهية، والفاعل أنت، والجملة معطوفة على ما قبلها. {سَنُعِيدُها:} السين: حرف استقبال معناه هنا: التحقيق، والتأكيد. (نعيدها):

<<  <  ج: ص:  >  >>