أي: أردنا، وأردت، دليله: «تلك خير إرادة».
تنبيه: شاع على الألسن أن نفي (كاد) إثبات، وإثباتها نفي، ولذا ألغز المعري بقوله: [الطويل]
أنحويّ هذا العصر ما هي لفظة... جرت في لساني جرهم وثمود
إذا استعملت في صورة الجحد أثبتت... وإن أثبتت قامت مقام جحود
فأجابه الشيخ جمال الدين بن مالك صاحب الألفية بقوله: [الطويل]
نعم هي كاد المرء أن يرد الحمى... فتأتي لإثبات بنفي ورود
وفي عكسها ما كاد أن يرد الحمى... فخذ نظمها، فالعلم غير بعيد
وقد اتفقت كلمة النحاة على أنّ (كاد) كسائر الأفعال، وكلامهم متقارب المعنى في هذا الشأن ومتشابه، انظر الشاهد [١١٢٧] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» والأشموني، وغيرهما، وها أنا ذا أسوق لك ما ذكره السيوطي-رحمه الله تعالى-في كتابه: (همع الهوامع) لتكون على بصيرة من أمرك.
قال-رحمه الله تعالى-والتحقيق أنها كسائر الأفعال نفيها نفي، وإثباتها إثبات إلا أنّ معناها المقاربة، لا وقوع الفعل، فنفيها نفي لمقاربة الفعل، ويلزم منه نفي الفعل ضرورة أن من لم يقارب الفعل؛ لم يقع منه الفعل، وإثباتها إثبات لمقاربة الفعل، ولا يلزم من مقاربته وقوعه، فقولك: (كاد زيد يقوم) معناه: قارب القيام، ولم يقم، ومنه قوله تعالى: {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ} أي: يقارب الإضاءة إلا أنه لم يضيء، وقولك: (لم يكد زيد يقوم) معناه لم يقارب القيام، فضلا عن أن يصدر منه، ومنه قوله تعالى: {إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها} أي: لم يقارب أن يراها، فضلا عن أن يرى، وقوله تعالى: {وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ} أي: لا يقارب إساغته، فضلا عن أن يسيغه. وعلى هذا الزجاجي، وغيره، وذهب قوم منهم ابن جنيّ إلى أن نفيها يدل على وقوع الفعل ببطء، لآية: {وَما كادُوا يَفْعَلُونَ} فإنهم فعلوا بعد بطء، والجواب:
أنها محمولة على وقتين؛ أي: فذبحوها بعد تكرار الأمر عليهم بذبحها، وما كادوا يذبحونها قبل ذلك، ولا قاربوا الذبح، بل أنكروا أشد الإنكار بدليل قولهم: {أَتَتَّخِذُنا هُزُواً}.
وقال ابن هشام في مغنيه: فالجواب: أنه إخبار عن حالهم في أول الأمر، فإنهم كانوا أولا بعداء عن ذبحها بدليل ما يتلى علينا من تعنتهم، وتكرار سؤالهم. انتهى. وقوله مشابه لقول السيوطي المتقدم.
الإعراب: {وَإِنْ:} الواو: حرف استئناف. (إن): حرف مشبه بالفعل، مخفف من الثقيلة، مهمل لا عمل له. {كادُوا:} ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق.
اللام: هي الفارقة بين النفي والإثبات. (يفتنونك): مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله،