للفرقة النافرة للجهاد، ويكون المعنى: ليتبصروا، ويتيقنوا بما يريهم الله من الظهور على الأعداء ونصرة الدين. {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} من الكفار. {إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} من الجهاد فيخبرونهم بنصرة الله تعالى نبيه والمؤمنين، ويوشك أن ينزل بهم، ما نزل بأصحابهم الكفار، قال القرطبي: قول مجاهد وقتادة أبين. انتهى بتصرف.
-الثالث: الآية الكريمة تحث على طلب العلم، والتفقه في الدين، وطلب العلم ينقسم على قسمين: فرض عين، وذلك كتعلم أحكام الصلاة والصيام، والحج والزكاة؛ إذ كل مكلف من ذكر، أو أنثى بأداء هذه العبادات يجب عليه وجوبا عينيا أن يعرف أحكام العبادة التي يقوم بأدائها، وإذا قصر في ذلك يكون آثما قطعا، وهذا ما أفاده قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«طلب العلم فريضة على كلّ مسلم». رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، والثاني: فرض كفاية، وذلك كعلم المواريث، والنكاح، والأقضية والشاهدات، وإقامة الحدود، والفصل في الخصومات؛ إذ لا يجب أن يتعلمه جميع الناس، فتضيع أحوالهم، وتبطل معايشهم، فإذا قام به البعض سقط عن الباقين من غير تعيين، ويرجع إليهم الباقون في حال ما يعرض لهم من قضايا دينهم ودنياهم.
-الأمر الرابع: طلب العلم فضيلة عظيمة، ومرتبة شريفة لا يوازيها أي: عمل، والأحاديث الشريفة المرغبة في طلب العلم كثيرة مشهورة مسطورة، يعرفها من يريد الاطلاع عليها.
-الأمر الخامس: نزلت الآية الكريمة لما نزل في المتخلفين ما نزل من التوبيخ والتقريع، كما رأيت فيما مضى، وتسابق المؤمنون إلى الغزو، وانقطعوا عن النفقة في أمور الدين، فأمروا أن ينفر من كل فرقة طائفة إلى الجهاد، ويبقى أعقابهم يتفقهون حتى لا ينقطع التفقه الذي هو الجهاد الأكبر.
الإعراب:{وَما}: الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {كانَ}: ماض ناقص.
{الْمُؤْمِنُونَ}: اسم {كانَ} مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {لِيَنْفِرُوا}: مضارع منصوب ب «أن» مضمرة بعد لام الجحود، وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، و «أن» المضمرة والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر {كانَ}. {كَافَّةً}: حال من واو الجماعة، وجملة:{وَما كانَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {فَلَوْلا}: الفاء: حرف استئناف. (لولا): حرف تحضيض. {نَفَرَ}: ماض. {مِنْ كُلِّ}: متعلقان بالفعل قبلهما. و {كُلِّ}: مضاف، و {فِرْقَةٍ}: مضاف إليه. {مِنْهُمْ}: متعلقان بمحذوف حال من {طائِفَةٌ}. كان صفة لها، فلما قدم عليها صار حالا. {طائِفَةٌ}: فاعل {نَفَرَ}. والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {لِيَتَفَقَّهُوا}: مضارع منصوب ب «أن» مضمرة بعد لام التعليل... إلخ. و «أن» المضمرة والمضارع في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل،