أقول: يظهر: أنه يقصد ما حصل في الأندلس من فتن، ومحاربة بعض المسلمين بعضا، واستعانة البعض على البعض الآخرين بالإسبان الإفرنج، وهذا يحصل من المسلمين في كلّ زمان، ومكان، فقد ذكر: أن قيصر عرض على معاوية مساعدته على عليّ-رضي الله عنه-، وقال: والله لو قطّعت إربا إربا لا أستعين بكافر على مسلم.
الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {أَنْتُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {هؤُلاءِ:} اسم إشارة مبني على الكسرة في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، تقديره: أعني. أو هو مبني على الضم المقدّر على آخره في محل نصب بيا النداء المحذوفة، وعليه فجملة: {تَقْتُلُونَ..}. في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة سواء أكانت فعلية، أم ندائية معترضة بين المبتدأ والخبر، لا محل لها من الإعراب، إلا أنّ هذا لا يجيزه سيبويه؛ لأن (أولاء) مبهم، ولا يحذف حرف النداء مع المبهم. هذا؛ ويعتبر الكوفيون {هؤُلاءِ} اسم موصول هو الخبر، وجملة: {تَقْتُلُونَ} صلته، ولم يجزه البصريون؛ لأن {هؤُلاءِ} اسم إشارة، ولا يكون بمعنى «الذين». وهناك وجه ثالث، وهو أنّ {هؤُلاءِ} خبر المبتدأ على تقدير مضاف محذوف، التقدير: ثمّ أنتم مثل هؤلاء، كقولك: أبو يوسف أبو حنيفة، فعلى هذا جملة:
{تَقْتُلُونَ} في محل نصب حال من {هؤُلاءِ،} والعامل في الحال معنى التشبيه. انتهى عكبري بتصرف، هذا؛ وأرى صحة وجه آخر، وهو أن يكون {هؤُلاءِ} مبتدأ ثانيا، وجملة:
{تَقْتُلُونَ} خبره، والجملة الاسمية في محل رفع خبر {أَنْتُمْ}. هذا؛ ومثل الآية الكريمة قول ذي الرّمّة، وهو الشاهد [٤٣٠] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل]
إذا هملت عيني لها قال صاحبي... بمثلك-هذا-لوعة وغرام
حيث قال الكوفيون: إن التقدير: يا هذا، ومثله الشاهد رقم [١٠٩٥]. وجملة: {وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً:} معطوفة على سابقتها على جميع الوجوه المعتبرة فيها، {مِنْكُمْ:} متعلقان ب {فَرِيقاً} أو بمحذوف صفة له. {مِنْ دِيارِهِمْ} متعلقان بالفعل ({تُخْرِجُونَ})، وجملة: {تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ} في محل نصب حال من واو الجماعة، أو من {فَرِيقاً} بعد وصفه بالجار والمجرور. {بِالْإِثْمِ:}
متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة، فهي حال متداخلة.
{وَالْعُدْوانِ:} معطوف على ما قبله. {وَإِنْ:} الواو: واو الاعتراض. ({إِنْ}): حرف شرط جازم.
{يَأْتُوكُمْ:} فعل مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعله، والكاف مفعوله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي.
{أُسارى:} حال من واو الجماعة منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر.
{تُفادُوهُمْ:} فعل مضارع جواب الشرط مجزوم... والواو فاعله، والهاء مفعوله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا ب «إذا» الفجائية، والجملة الشرطية معترضة بين جملة: {تُظْهِرُونَ} وجملة: {وَهُوَ مُحَرَّمٌ} الواقعتين في محل نصب حال.