للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أُنْزِلَ إِلَيْكَ} أي: القرآن الكريم. {أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} المراد: التّوراة التي أنزلها الله على موسى، وهارون، والإنجيل الذي أنزله الله على عيسى، والزّبور الذي أنزله الله على داود، على نبينا، وحبيبنا، وعليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام. {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ:}

الطاغوت: الكثير الطغيان، والمراد به هنا: كعب بن الأشرف اليهودي اللعين. وانظر الآية [٢٥٦] من سورة (البقرة)، وقد رأيت: أنّ الطاغوت: الشيطان، فقد شبهه الله بالشيطان، أو جعل اختيار التحاكم إلى غير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على التحاكم إليه تحاكما إلى الشيطان بدليل ما بعده:

{وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ:} أي: أن يرفضوه، ولا يقبلوا به؛ لأنّ الكفر بالطّاغوت، وعدم الرضا به هو صريح الإيمان، قال تعالى في سورة (البقرة): {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لا انْفِصامَ لَها}. {وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ} أي: يخرجهم من جادة الحقّ والصّواب إلى الباطل. والإضلال: خلق فعل الضلال في العبد. {ضَلالاً:} هذا مصدر، وليس جاريا على يضلهم، فيحتمل أن يكون جعل مكان الإضلال، مثل قوله تعالى في سورة (نوح) -على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً} فوضع مصدر الثلاثي موضع مصدر الرّباعي، ويحتمل أن يكون مصدرا للمضارع: (يضلهم) أي:

فيضلوا ضلالا بعيدا، أي: كبيرا مستمرا إلى الموت. هذا؛ وفي إسناد البعد إلى الضلال مجاز عقلي؛ لأنّ البعيد في الحقيقة إنّما هو الضالّ؛ لأنّه هو الذي يتباعد عن الطريق، فوصف به فعله، كما تقول: جدّ جدّه.

الإعراب: {أَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام، وتعجب. ({لَمْ}): حرف نفي، وقلب، وجزم.

{تَرَ:} فعل مضارع مجزوم ب‍ ({لَمْ}) وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الألف المقصورة، والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: أنت. {إِلَى الَّذِينَ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {يَزْعُمُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {أَنَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {آمَنُوا:} فعل ماض وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل رفع خبر: (أنّ)، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سدّ مسدّ مفعولي:

{يَزْعُمُونَ}. {بِما:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر بالباء. {أُنْزِلَ:} فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى (ما) وهو العائد، أو الرابط، والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها. {إِلَيْكَ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ:} معطوف على سابقه، وإعرابه مثله.

{يُرِيدُونَ:} فعل مضارع، وفاعله. {أَنْ يَتَحاكَمُوا:} فعل مضارع منصوب ب‍ {أَنْ} وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والمصدر المؤوّل منهما في محل

<<  <  ج: ص:  >  >>