للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ذلِكَ أَدْنى أَلاّ تَعُولُوا} أي: ذلك أقرب إلى ألا تميلوا عن الحقّ، وتجوروا. يقال: الرّجل يعول إذا جار، ومال، ومنه قولهم: عال السّهم عن الهدف: مال عنه. قال ابن عمر-رضي الله عنه-: إنّه لعائل الكيل، والوزن، قال الشاعر: [البسيط]

قالوا اتّبعنا رسول الله واطّرحوا... قول الرّسول وعالوا في الموازين

أي: جاروا. وعال الرّجل، يعيل: إذا افتقر، فصار عالة، ومنه قول تعالى في سورة (التوبة): {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً}. ومنه قول أحيحة بن الجلاح: [الوافر]

وما يدري الفقير متى غناه... وما يدري الغنيّ متى يعيل

وقال الشافعي-رضي الله عنه-: {أَلاّ تَعُولُوا:} ألا تكثر عيالكم. قال الكسائي: العرب تقول: عال، يعول، و: أعال، يعيل: إذا كثر عياله، وقال أبو عمر الدّوري، وكان إماما في اللّغة غير مدافع،: هي لغة حمير، وأنشد قول الشاعر: [الوافر]

وإنّ الموت يأخذ كلّ حيّ... بلا شكّ وإن أمشى وعالا

أي: وإن كثرت ماشيته، وعياله. وقرأ طلحة بن مصرّف: («ألاّ تعيلوا») من: أعال الرّباعي، وهي حجّة للشافعي-رضي الله عنه-.

تنبيه: مسألة تعدّد الزّوجات ضرورة إنسانيّة، اقتضتها ظروف الحياة، وهي ليست تشريعا، فنظمه، وشذّبه، وجعله علاجا، ودواء لبعض الحالات الاضطرارية الّتي يعاني منها المجتمع، مثل: عقم المرأة، وعدم صلاحيتها للوطء في بعض الحالات. وفي الحقيقة: إن تشريع التعدّد مفخرة من مفاخر الإسلام؛ لأنه استطاع أن يحلّ مشكلة اجتماعيّة هي من أعقد المشاكل، التي تعاينها الأمم، والمجتمعات اليوم، فلا تجد لها حلاّ، فهو سلاح يسيء الكثير من المسلمين استعماله بسبب الجور، والظّلم.

إنّ المجتمع كالميزان، يجب أن تتعادل كفتاه، فماذا نصنع حين يختل التوازن، ويصبح عدد النساء أضعاف عدد الرّجال؟ وهو في كلّ زمان، ومكان أكثر من الرّجال، أتحرم المرأة من نعمة الزّوجية، ونعمة الأمومة، ونتركها تسلك طريق الفاحشة، والرذيلة، أم نحلّ هذه المشكلة بتعدّد الزّوجات، وهي طرق فاضلة، نصون فيها كرامة المرأة، وطهارة الأسرة، وسلامة المجتمع؟

وأقرب الأمثلة شاهدا على ما نقول ما حدث في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث زاد عدد النساء على الرّجال زيادة فاحشة، فأصبح مقابل كلّ شاب ثلاث فتيات، وهي حالة اختلال اجتماعي، فكيف يواجهها المشرّع؟ لقد حلّ الإسلام بتشريعه الرائع بتعدّد الزوجات، بينما وقفت المسيحية حائرة مكتوفة الأيدي، لا تبدي، ولا تعيد.

إنّ الرّجل الأوربي لا يبيح له دينه التعدّد، لكنّه يبيح لنفسه مصاحبة المئات من الفتيات بطريق الرّذيلة، يرى الوالد منهم فتاته مع عشيقها، فيسرّ، ويغتبط، بل ويمهّد لهما السبل المؤدية

<<  <  ج: ص:  >  >>