"تتمة": قال في "السياسة الشرعية"(١): فإن ترك الإمام الجمع والقسمة، وأذِنَ في الأخذ إذنًا جائزًا، فمن أخذ شيئًا بلا عدوان، حلَّ له بعد تخميسه. وكل ما دلَّ على الإذن فهو إذن. وأما إذا لم يأذن، أو أذن إذنًا غير جائز، جاز للإنسان أن يأخذ مقدار ما يصيبه بالقسمة، متحرِّيًا للعدل في ذلك.
(ويجوز تفضيل بعض الغانمين على بعض لغَناءٍ) - بفتح الغين المعجمة - أي: نفع كما تقدم (فيه، كشجاعة ونحوها) كالرأي والتدبير؛ لأنه يجوز له أن ينفل ويعطي السَّلَب فجاز له التفضيل لذلك.
(وإلا) أي: وإن لم يكن التفضيل لغَناءٍ فيه (حَرُمَ) عليه؛ لأن الغانمين اشتركوا في الغنيمة على سبيل التسوية، فوجب التعديل بينهم، كسائر الشركاء.
(ولا تصح الإجارة على الجهاد، ولو كان) الأجير (ممن لا يلزمه) الجهاد كالعبد والمرأة؛ لأنه عمل يختصُّ فاعله أن يكون من أهل القُرْبة، أشبه الصلاة، (فيرُدُّ) الأجير (الأُجرة) لبطلان الإجارة (وله سهمه) إن كان من أهل الإسهام (أو رَضْخُه) إن لم يكن من أهل الإسهام.
(ومن أَجَّر نفسه بعد أن غنموا على حفظ الغنيمة، أو حملها وسَوْق الدواب ورعيها ونحوه، أُبيح له أخذ الأجرة على ذلك، ولم يسقط من سهمه شيء) لأن ذلك من مؤنة الغنيمة، فهو كعلف الدواب وطعام السبي، يجوز للإمام بذله، ويُباح للأجير أَخْذ الأجرة عليه؛ لأنه قد أجر نفسه لِفِعْلٍ للمسلمين إليه حاجة، فحلَّت له الأُجرة، كالدليل على الطريق.