﴿قال سهل: معنى: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ﴾ [٢] الشكر لله، فالشكر لله هو الطاعة لله، والطاعة لله هي الولاية من الله تعالى كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ [المائدة: ٥٥] ولا تتم الولاية من الله تعالى إلا بالتبري ممن سواه. ومعنى: ﴿رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ [٢] سيد الخلق المربّي لهم، والقائم بأمرهم، المصلح المدبر لهم قبل كونهم، وكون فعلهم المتصرف بهم لسابق علمه فيهم، كيف شاء لما شاء، وأراد وحكم وقدر من أمر ونهي، لا رب لهم غيره.
﴿مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [٤] أي يوم الحساب، ﴿إِيّاكَ نَعْبُدُ﴾ [٥] أي نخضع ونذلّ ونعترف بربوبيتك ونوحّدك ونخدمك، ومنه اشتق اسم العبد. ﴿وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [٥] أي على ما كلفتنا بما هو لك، وإليك المشيئة والإرادة فيه، والعلم والإخلاص لك، ولن نقدر على ذلك إلاّ بالمعونة والتسديد لنا منك، إذ لا حول لنا ولا قوة إلاّ من عندك. فقيل له: أليس قد هدانا الله إلى الصراط المستقيم؟ قال: بلى، ولكن طلب الزيادة منه كما قال: ﴿وَلَدَيْنا مَزِيدٌ﴾ [ق: ٣٥] فكان معنى قوله: «اهدنا»: أمددنا منك بالمعونة والتمكين. وقال مرة أخرى:«اهدنا» معناه أرشدنا إلى دين الإسلام الذي هو الطريق إليك بمعونة منك، وهي البصيرة، فإنا لا نهتدي إلاّ بك، كما قال: ﴿عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ﴾ [القصص: ٢٢] أي يرشدني قصد الطريق إليه. قال:
وسمعت سهلا يحكي عن محمد بن سوار عن سفيان عن سالم عن أبي الجعد عن ثوبان قال:
قال رسول الله ﷺ:«يقول الله ﷿: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل. قال: فإذا قال العبد: «الحمد لله ربّ العالمين» قال تعالى:
حمدني عبدي، فإذا قال:«الرّحمن الرّحيم» قال الله تعالى: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال:«مالك يوم الدّين» يقول الله: فهذه الآيات لي ولعبدي بعدها ما سأل، وإذ قال:«إيّاك نعبد وإيّاك نستعين اهدنا الصّراط المستقيم» إلى آخره يقول الله ﷿: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» (١).
(١) سنن ابن ماجة: الأدب، باب ثواب القرآن، حديث رقم ٣٧٨٤؛ وسنن أبي داود: الصلاة، باب القراءة في الفجر، حديث رقم ٨٢١؛ والترمذي: تفسير القرآن، باب: ومن سورة فاتحة الكتاب، حديث رقم ٢٩٥٣