[السورة التي يذكر فيها المسد]
﴿قوله تعالى: ﴿تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [١] قال: أي خسرت يداه، ﴿وَتَبَّ﴾ [١] أي خسر، فالخسران الأول خسران المال، والخسران الآخر خسران النفس، ومعنى الخسران ما ذكر بعد ذلك، فقال: ﴿ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ﴾ [٢] في الآخرة، إذ صار إلى النار ﴿وَما كَسَبَ﴾ [٢] يعني ولده عتبة وعتيبة ومعتب.
وفيها وجه آخر: أن يكون التباب الأول كالدعاء عليه، والثاني كالإخبار عن وقوع الخسران في سابق التقدير، وهو جواب عن قول أبي لهب للنبي ﷺ: «تبا لك» (١) حين جمعهم ودعاهم إلى التوحيد، وأنذرهم العذاب بقوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤].
قوله تعالى: ﴿سَيَصْلى ناراً﴾ [٣] سيغشى أبو لهب نارا في الآخرة. ﴿ذاتَ لَهَبٍ﴾ [٣] أي ليس لها دخان. ﴿وَاِمْرَأَتُهُ﴾ [٤] أم جميل. ﴿حَمّالَةَ الْحَطَبِ﴾ [٤] قيل النمامة. وقال عكرمة:
إنها كانت تحمل الشوك تلقيه على طريق النبي ﷺ. ﴿فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ [٥] أي سلسلة من حديد في النار كحديد البكرة التي تجري فيه، شهرها بهذه العلامة في جهنم، كما كانت مشهورة بعداوة النبي ﷺ.
والله ﷾ أعلم.
[السورة التي يذكر فيها الإخلاص]
سئل سهل عن الإخلاص، فقال: هو الإفلاس، يعني من علم أنه مفلس فهو محق. قال:
وأبطل الله جميع الكفر والأهواء بهذه الأربع آيات. وإنما سميت سورة الإخلاص لأنها تنزيه الله تعالى عن كل ما لا يليق به.
قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ [١] ليس له كفء ولا مثل.
﴿اللهُ الصَّمَدُ﴾ [٢] قال: الصمد السيد الذي صمد إليه في الحوائج والعوارض، ومعناه المصمود إليه. وقال: الصمد الذي لا يحتاج إلى الطعام والشراب.
﴿لَمْ يَلِدْ﴾ [٣] فيورث. ﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾ [٣] فيكون ملكه محدثا. وهو أيضا إثبات الفردانية، ونفي الأسباب عنه، ردا على الكفار.
﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ [٤] معناه: ولم يكن له أحد كفئا على جهة التقديم.
والله ﷾ أعلم.
(١) صحيح البخاري: كتاب التفسير، رقم ٤٤٩٢.