للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السورة التي يذكر فيها فاطر]

﴿قوله تعالى: ﴿إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ﴾ [٦] يعني الشيطان يدعو أهل طاعته من أهل الأهواء والبدع والضلالات والسامعين ذلك من قائلها.

قوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [١٠] قال: ظاهرها الدعاء والصدقة، وباطنها الذكر، عملا بالعلم، وإقبالا بالسنة، يرفعه أي يوصله بالإخلاص فيه لله تعالى.

قوله: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ﴾ [١٥] قال: يعني أنتم إليه في أنفسكم، فإن الله تعالى لما خلق الخلق حكم لعباده بالفقر إليه، وهو الغني، فمن ادعى الغنى حجب عن الله ﷿، ومن أظهر فقره إليه أوصل الله فقره بغناه، فينبغي للعبد أن يكون مفتقرا إليه في السر، منقطعا عن غيره، حتى تكون عبوديته محضة، إذ العبودية المحضة هي الذل والخضوع.

فقيل له: وكيف يفتقر إليه؟ قال: إظهار الفقر في ثلاث: فقرهم القديم، وفقرهم في حالهم، وفقرهم في موت أنفسهم من تدبيرهم؛ ومن لم يكن كذلك فهو مدّع في فقره. وقال: الفقير الصادق الذي لا يسأل ولا يرد ولا يحبس. وقال عمر بن عبد العزيز (١) : صفة أولياء الله ﷿ ثلاثة أشياء: الثقة بالله تعالى في كل شيء، والفقر إليه في كل شيء، والرجوع إليه من كل شيء.

قوله: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اِصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا﴾ [٣٢] قال عمر بن واصل: سمعت سهلا يقول: السابق العالم، والمقتصد المتعلم، والظالم الجاهل (٢). وقال أيضا: السابق الذي اشتغل بمعاده، والمقتصد الذي اشتغل بمعاده ومعاشه، والظالم الذي اشتغل بمعاشه دون معاده.

وقال الحسن البصري : السابق الذي رجحت حسناته على سيئاته، والمقتصد الذي استوت حسناته وسيئاته، والظالم الذي رجحت سيئاته على حسناته.

قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ [٣٤] أي حزن القطيعة، ﴿إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ [٣٤] يعني غفور لذنوب كثيرة، شكور لأعمال يسيرة.


(١) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي (٦١ - ١٠١ هـ): الخليفة الصالح والملك العادل، وخامس الخلفاء الراشدين. توفي مسموما بعد سنتين من خلافته. (الأعلام ٥/ ٥٠).
(٢) تفسير القرطبي ١٤/ ٣٤٨، وفيه أقوال أخرى.

<<  <   >  >>