للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السورة التي يذكر فيها الانشراح]

﴿قوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [١] قال: ألم نوسع لك صدرك بنور الرسالة فجعلناه معدنا للحقائق. قال: وأول الشرح بنور الإسلام كما قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ﴾ [الأنعام: ١٢٥] ثم قال: يزداد المنازل بعده، فيكون الأنوار على قدر المواهب من البصائر.

﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ [٢] قال: يعني أزلنا عنك السكون إلى غيرنا من همة نفس الطبع، فجعلناك ساكنا إلينا قابلا عنا بنا.

قوله تعالى: ﴿وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ [٤] قال: وصلنا اسمك باسمنا في الأذان والتوحيد، فلا يقبل إيمان العبد حتى يؤمن بك.

قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾ [٥] قال: عظم الله تعالى حال الرجاء في هذه الآية بكرمه وخفي لطفه، فذكر اليسر مرتين، وقد قال النبي : «لن يغلب عسر يسرين» (١)، يعني فطنة القلب والعقل يسران يغلبان نفس الطبع، فيعيدانه إلى الإخلاص، وهو معنى الآية في الباطن، أي فإن مع شدة نفس الطبع في افتقاره إلى ذات الحق ﷿ إلى نفس الروح والعقل وفطنة القلب وهو في الباطن تسكين قلب محمد على الإعانة خوفا، فقال: إنا سلطنا على نفس الطبع الكثيف منك لطائف نفس الروح والعقل والقلب والفهم التي سبقت بالموهبة الجليلة قبل بدوّ الخلق بألف عام، فغلبت نفس الطبع.

﴿فَإِذا فَرَغْتَ﴾ [٧] من صلاتك المكتوبة وأنت جالس ﴿فَانْصَبْ﴾ [٧] إلى ربك وارجع إليه، كما كنت قبل نفس الطبع، قبل بدوّ الخلق، فردا بفرد، وسرا بسر، فوهب الله له مثل منزلته السابقة في الدنيا، كما قال النبي : «إن لي مع الله وقتا لا يسعني غيره» (٢)، هذا باطن الآية، وظاهرها ما عليه الظاهر.


(١) المستدرك على الصحيحين ٢/ ٣٢٩، ٥٧٥.
(٢) فيض القدير ٤/ ٦.

<<  <   >  >>