للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: كيف يكون وجد فراق الحق ﷿. وقد عمل بمفارقة مخلوق كل هذا، فشكى بثه وحزنه إلى الله تعالى لا إلى غيره.

قوله تعالى: ﴿قالَ كَبِيرُهُمْ﴾ [٨٠] أي في العقل لا في السن.

قوله تعالى: ﴿لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ﴾ [٨٧] قال سهل: أفضل الخدمة وأعلاها انتظار الفرج من الله تعالى، كما حكي عن ابن عمر عن النبي أنه قال: «انتظار الفرج بالصبر عبادة» (١) وانتظار الفرج على وجهين: أحدهما قريب، والآخر بعيد؛ فالقريب في السر فيما بين العبد وربه، والبعيد في الخلق؛ فينظر إلى البعيد فيحجب عن القريب.

﴿قوله تعالى: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ﴾ [١٠١] قال سهل: فيه ثلاثة أشياء، سؤال ضرورة وإظهار فقر واختيار فرض، ومعناه: أمتني وأنا مسلم إليك أمري، مفوض إليك شأني، لا يكون لي إلى نفسي رجوع بحال ولا تدبير بسبب من الأسباب.

قوله تعالى: ﴿وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ [١٠٦] قال: يعني شرك النفس الأمارة بالسوء كما قال النبي : «الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا» (٢)، هذا باطن الآية، وأما ظاهرها مشركو العرب يؤمنون بالله، كما قال: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ﴾ [الزخرف: ٨٧] وهم مع ذلك مشركون يؤمنون ببعض الرسل ولا يؤمنون ببعضهم.

قوله تعالى: ﴿أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ﴾ [١٠٨] أي أبلغ الرسالة ولا أملك الهداية، وإنما الهداية إليك. وقد سئل سهل عن قوله : «ولا ينفع ذا الجد منك الجد» (٣)، فقال: أي من جد في الطلب، وكان منك المنع، لم ينفعه جده في الطلب. وقال: إن الخلق لم يكشف لهم سر، ولو كشف لهم لأبصروا، ولم يشاهدوا وإن شاهدوا تم الأمر، وهذا شيء عظيم. ثم قال: أهل لا إله إلا الله كثير، والمخلصون منهم قليل، والله أعلم.


(١) شعب الإيمان ٧/ ٢٠٤؛ ومسند الشهاب ١/ ٦٢؛ وفيض القدير ٣/ ٥٢، وفيه الشرح الآتي: (أي إذا حل بعبد بلاء، فترك الجزع والهلع، وصبر على مر القضاء، فذلك منه عبادة يثاب عليها، لما فيه من الانقياد للقضاء).
(٢) المستدرك على الصحيحين ٢/ ٣١٩؛ ونوادر الأصول ٤/ ١٤٧؛ والترغيب والترهيب ٤/ ١٦، وسيعاد في تفسير سورة: المنافقون.
(٣) صحيح البخاري: صفة الصلاة رقم ٨٠٨؛ وصحيح مسلم: المساجد ومواضع الصلاة رقم ٥٩٣.

<<  <   >  >>