﴿سئل عن قوله تعالى: ﴿وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ [٨] قال: أما ظاهر الآية ما حكاه ابن عباس ﵄ عن النبي ﷺ أنه قال: «إن مما خلق الله تعالى أرضا من لؤلؤة بيضاء مسيرة ألف عام في ألف عام، عليها جبل من ياقوتة حمراء، تحيط بها سماء تلك الأرض، فيها ملك قد ملأ شرقها وغربها، له ستمائة وستون ألف رأس، في كل رأس ستمائة وستون فم، في كل فم ستمائة ألف لسان، يثني على الله بكل لسان ستمائة وستين ألف مرة في كل يوم، فإذا كان يوم القيامة نظر إلى عظمة الله تعالى فقال: وعزتك وجلالك ما عبدتك حق عبادتك»، قال الله تعالى: ﴿وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ [٨] وباطنها علمك الحق ﷻ الوقوف عند ما لا يدركه عقلك من آثار الصنع وفنون العلم أن يقابله بالإنكار، فإنه خلق ما لا تعلمه أنت، ولا أحد من خلقه إلا من علمه الحق ﷿.
وسئل عن قوله: ﴿مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً﴾ [١١] وقال بعدها: ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ﴾ [١٢] فقال: لأن الثمرات من نوع واحد، والليل والنهار نوعان، وكذلك الشمس والقمر، فقال: ﴿لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [١٢]. واعلم أن الله تعالى لما أراد إظهار علمه أودع علمه العقل، وحكم أنه لا يصل أحد إلى شيء منه إلا بالعقل، فمن فاته العقل فقد فاته العلم.
قوله: ﴿أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ﴾ [٢١] قال سهل: خلق الله تعالى الخلق، ثم أحياهم باسم الحياة، ثم أماتهم بجهلهم بأنفسهم، فمن كانت حياته بالعلم فهو الحي، وإلا فهم الأموات بجهلهم.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ﴾ [٣٦] قال: العبادة زينة العارفين، وأحسن ما يكون العارف إذا كان في ميادين العبودية والخدمة، يترك ما له لما عليه.