﴿قوله تعالى: ﴿وَإِذا حُشِرَ النّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً﴾ [٦] قال: في نفوسهم التي أقادتهم إلى متابعتها في الجزاء على أحكام هواها، لأنها تشهد عليهم. وقد قال رسول الله ﷺ:«إن أعدى عدو المرء نفسه التي بين جنبيه»(١).
قوله تعالى: ﴿قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ﴾ [٩] قال: أي كانت قبلي رسل يأمرون بما آمر به، وينهون عما أنهى عنه، وما كنت عجبا من الرسل، فإني لم أدعكم إلا إلى التوحيد، ولم أدلكم إلا على مكارم الأخلاق، وبهذا بعثت الأنبياء قبلي.
قوله: ﴿وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي﴾ [١٥] قال: اجعلهم لك عبيد حق، ولي خلف صدق.
قوله: ﴿يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [٣٠] قال: أي يدل على طريق الحق بالخروج عن المعاملات والرسومات والتحقيق بالحق، وهو الصراط المستقيم.
قوله: ﴿يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ﴾ [٣١] قال: لا يجيب الداعي إلا من سمع النداء، فوفق للخيرات وأيقن، وإلا فمن يحسن إجابة الدعوة. وقال: إن في قلب كل مؤمن داعيا يدعوه إلى رشده، فالسعيد من سمع دعاء الداعي فاتبعه.
قوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [٣٥] قال: يعني اصبر صبر أهل المعرفة، كما صبر أولو العزم من الرسل الذين كانوا قبلك رضى وتسليما من غير شكوى ولا جزع. وقال: أولو العزم من الرسل إبراهيم صلوات الله عليه، ابتلي بالنار وذبح الولد فرضي وسلم؛ وأيوب ﵇ بالبلاء؛ وإسماعيل بالذبح فرضي؛ ونوح بالتكذيب فصبر؛ ويونس ببطن الحوت فدعا والتجأ؛ ويوسف صلوات الله عليه بالسجن والجب فلم يتغير؛ ويعقوب بذهاب البصر وفقدان الولد، فشكا بثه إلى الله، ولم يشك إلى غيره، وهم اثنا عشر نبيا صلوات الله عليهم، صبروا على ما أصابهم، فهم أولو العزم من الرسل، والله ﷾ أعلم.
(١) رواية الحديث: (أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك)؛ انظره في: تحفة الأحوذي ٢/ ٤٨١، ٩/ ٣١٩؛ وشرح سنن ابن ماجة ١/ ٢٠؛ وعون المعبود ٤/ ٢٨٥؛ وكشف الخفاء ١/ ١٤٨، ١٦٠، ٢/ ٢٢٢.