للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السورة التي يذكر فيها السجدة (فصلت)]

﴿قوله تعالى: ﴿حم﴾ [١] يعني قضى في اللوح المحفوظ، وكتب فيه ما هو كائن.

قوله: ﴿بَشِيراً وَنَذِيراً﴾ [٤] قال: بشيرا بالجنة لمن أطاعه واتبع ما فيه، ونذيرا بالنار لمن عصاه وأعرض عن مراد الله فيه وخالفه.

قوله تعالى: ﴿وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إِلَيْهِ﴾ [٥] قال: أي في أغطية الإهمال فمالت إلى الشهوة والهوى، فلا تعقل دعوة الحق، ﴿وَفِي آذانِنا﴾ [٥] التي في القلوب ﴿وَقْرٌ﴾ [٥] أي ثقل من الصمم عن الخير، فلا تسمع هواتف الحق، ﴿وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ﴾ [٥] أي ستر من الهوى وجبلة الطبع، لا نراك كما يراك غيرنا.

قوله: ﴿وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ [٢٤] يعني إن يستقيلوا لا يقالوا، وإن اعتذروا لا يعذروا.

قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا﴾ [٣٠] قال: أي لم يشركوا بعده، كذا روي عن النبي أنه قال: «هم أمتي ورب الكعبة استقاموا ولم يشركوا كما فعلت اليهود والنصارى» (١)، قال عمر : لم يروغوا روغان الثعالب (٢).

قوله: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا﴾ [٣٠] يعني عند الموت. وقد قال النبي : «يقول الله تعالى: ما ترددت في شيء كترددي في قبض روح المؤمن» (٣)، أي ما رددت الملائكة إلى شيء كردهم إلي عبدي المؤمن في قبض روحه بالبشارة وبالكرامة، أن لا تخافوا على أنفسكم ولا تحزنوا يوم الجمع، كما قال: ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ [الأنبياء: ١٠٣] قال: المتولي لجملتكم بالرضا، الحافظ قلوبكم، المقر أعينكم بالتجلي، جزاء لتوحيدكم، وتفضلا من ربكم.

وقوله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ﴾ [٣٣] أي ممن دل على الله وعلى عبادته وسنة رسوله ، واجتناب المناهي، وإدامة الاستقامة مع الله، والاستقامة به خوفا من الخاتمة، وفي الطريقة الوسطى، والجادة المستقيمة التي من سلكها سلم، ومن تعداها ندم.

قوله: ﴿لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ﴾ [٤٩] قال: لا يمل من ذكر ربه وشكره وحمده والثناء عليه.

قوله: ﴿وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ﴾ [٥١] قال: يعني عن الدعاء والشكر على ما أنعم به عليه، واشتغل بالنعمة، وافتخر بغير مفتخر به.

قوله: ﴿سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ﴾ [٥٣] يعني الموت، قال: والموت خاص وعام، فالعام موت الخلقة والجبلة، والخاص موت شهوات النفس، والله أعلم.


(١) تفسير القرطبي ١٥/ ٣٥٨.
(٢) الزهد لابن مبارك ص ١١٠، وفيه: (أخرجه أحمد في الزهد).
(٣) صحيح البخاري: الرقاق، رقم ٦١٣٧؛ ونوادر الأصول ٢/ ٢٣٢؛ وفيض القدير ٥/ ٥٠١.

<<  <   >  >>