﴿قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ﴾ [١] قال: حذر الله تعالى المؤمنين من التولي بغير من تولاه الله ورسوله، فإن الله تعالى لم يرض منه أن يسكن إلى وليه، فكيف إلى عدوه؛ ومن شغل قلبه بما لا يعنيه من أمر آخرته نال منه العدو، فكيف بغيره؛ ومن طمع في الآخرة مع إرادة شيء من الدنيا حلالا كان مخدوعا، فكيف بالحرام؛ ومن لم يكن فعله مخالفة أو مكابدة أو إيثارا فهو رياء. قيل: وما معناها؟ قال: المخالفة في ترك النهي ولترك ذرة مما نهى الله عنه أفضل من أن تعبد الله عمر الدنيا. والمكابدة في أداء الأوامر والإيثار أن يؤثر الله تعالى على ما دونه، ففي المخالفة فقدوا أنفسهم، وفي المكابدة فقدوا أهواءهم، فصارت شهواتهم في الطاعات، وبالإيثار نالوا محبته ورضاه.
قوله تعالى: ﴿وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [٧] قال: غفور لذنوبكم الماضية بالتوبة، رحيم يعصمكم فيما بقي لكم من عمركم من مثل هذه المعصية.
قوله تعالى: ﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ﴾ [١٠] قال: لا توافقوا أهل البدع على شيء من أهوائهم وآرائهم، والله ﷾ أعلم.
[السورة التي يذكر فيها الصف]
قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ﴾ [٢] قال: إن الله هدد عباده على دعواهم من غير تحقيق، والدعوى أن يلزمه اليوم حق من حقوق الله براءة وتوبة من كل ذنب ارتكبه، فيقول غدا أعمل، وما من أحد ادعى إلا وقد ضيع حق الله من وجهين، ظاهر وباطن، ولا يكون المدعي خائفا، ومن لم يكن خائفا لم يكن آمنا، ومن لم يكن آمنا لم يكن يطلع على الجزاء. وقال: طلاب الآخرة كثيرة، والذي يتولى الله كفايته عبدان، عبد ساذج غير أنه صادق في طلبه، متوكل على الله، فيصدقه فيكفيه مولاه، ويتولى جميع أموره؛ وعبد عالم بالله وبأيامه وأمره ونهيه، كفاه الله كل شيء من هذه الدنيا، فإذا صار إلى الآخرة ما سوى هذين لا يعبأ الله بهم، لأنهم يدعون ما ليس لهم. وقال ابن عيينة في هذه الآية: لم تقولون ما ليس الأمر فيه لكم، لا تدرون تفعلون ذلك أم لا تفعلون.
قوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ﴾ [٨] يعني جحدوا ما ظهر لهم من حجة النبي ﷺ بألسنتهم، وأعرضوا عنه بنفوسهم، فقيض الله لقبوله أنفسا أوجدها على حكم السعادة، وقلوبا زينها بأنوار معرفته، وأسرار نورها بالتصديق، فبذلوا له المهج والأموال كالصدّيق والفاروق وأجلة الصحابة ﵃.
قوله تعالى: ﴿كُونُوا أَنْصارَ اللهِ﴾ [١٤] قال: يعني بالقبول منه، والاستماع إليه بطاعته فيما يأمركم به وينهاكم عنه، والله ﷾ أعلم.