﴿قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ [١] قال: إن الله تعالى أدب عباده المؤمنين، أي لا تقولوا قبل أن يقول، فإذا قال فأقبلوا عليه ناصتين له، مستمعين إليه، واتقوا الله في إهمال حقه، وتضييع حرمته ﴿إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ﴾ [١] ما تقولون ﴿عَلِيمٌ﴾ [١] بما تعملون.
قوله تعالى: ﴿لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ [٢] أي لا تخاطبوه إلا متفهمين، ثم بين كرامة من عظّمه فقال: ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ اِمْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى﴾ [٣] أي أخلص نياتهم له.
قوله: ﴿إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ﴾ [٦] قال: الفاسق الكذاب. وباطنها تأديب من بلغه ذمّه من أحد بأن لا يعجل بعقوبته ما لم يتعرف ذلك من نفسه.
قوله: ﴿فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً﴾ [٨] قال: تفضل الله عليهم فيما ابتدأهم به، وهداهم إليه بأنواع القرب والزلف.
قوله: ﴿وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [٧] قال: أي استخلص قلوبكم عطفا منه في عبادته بالإخلاص فيها، إذ الاستخلاص من عطفه، والإخلاص من حقه، ولن يقدر العبد على تأدية حقه إلا بعطفه بالمعونة عليه بأسباب الإيمان، وهي الحجج القاطعة والآيات المعجزة.
قوله: ﴿وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما﴾ [٩] قال: ظاهرها ما عليه أهل التفسير، وباطنها هو الروح والعقل والقلب والطبع والهوى والشهوة، فإن بغى الطبع والهوى والشهوة على القلب والعقل والروح فليقاتله العبد بسيوف المراقبة وسهام المطالعة وأنوار الموافقة، ليكون الروح والعقل غالبا والهوى والشهوة مغلوبا.
قوله: ﴿اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ﴾ [١٢] قال: أي لا تطعنوا على أحد بسوء الظن من غير حقيقة. وقد قال النبي ﷺ:«أكذب الحديث الظن»(١). ثم قال سهل: الظن السيئ من الجهل
(١) صحيح البخاري: كتاب النكاح، رقم ٤٨٤٩؛ وكتاب الأدب، رقم ٥٧١٧، ٥٧١٩؛ وصحيح مسلم، كتاب الأدب، رقم ٢٥٦٣.