للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السورة التي يذكر فيها غافر]

﴿قوله تعالى: ﴿حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [١ - ٢] قال: يعني الحي الملك هو الذي أنزل عليك الكتاب، وهو الذي قلبت به قلوب العارفين العزيز عن درك الخلق العليم بما أنشأ وقدر. ﴿غافِرِ الذَّنْبِ﴾ [٣] أي ساتر الذنب على من يشاء، ﴿وَقابِلِ التَّوْبِ﴾ [٣] عمن تاب وأخلص العمل له بالعلم، ﴿ذِي الطَّوْلِ﴾ [٣] ذي الغنى عن الكل، ﴿ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ﴾ [٤] يعني في الذات والقدرة والقرآن والسنة بهوى النفس، كما قال: ﴿وَجادَلُوا بِالْباطِلِ﴾ [٥] أي بالهوى من غير هدى من الله، كما قال: ﴿فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾ [آل عمران: ٦٦] إلا الذين كفروا وابتدعوا غير الحق.

قوله: ﴿فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا﴾ [٧] قال: هم الذين تابوا من الغفلة، وأنسوا بالذكر، واتبعوا سنة المصطفى .

قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [١٠] قال: المقت غاية الإبعاد من الله ﷿، والكفار إذا دخلوا النار مقتوا أنفسهم، ومقت الله عملهم أشد من دخول النار.

قوله تعالى: ﴿رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ﴾ [١٥] أي رافع الدرجات يرفع درجات من يشاء بالمعرفة به، ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ﴾ [١٥] أي ينزل الوحي من السماء إلى الأرض بأمره.

قوله: ﴿وَقالَ رَبُّكُمُ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [٦٠] قال: الدعاء بالمروة مستجاب لا محالة، وهو الجمع (١) من سهم الرامي، وما من مؤمن دعا الله تعالى إلا استجاب له فيما دعاه بعينه، من غير أن يعلم ذلك العبد، أو صرف عنه بذلك سوءا، أو كتب له بذلك حسنة. فقيل له:

ما معنى قولهم: «الدعاء أفضل العمل» (٢)؟ فقال: لأنه تضرع والتجاء وإظهار الفقر والفاقة.

قوله: ﴿وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ﴾ [٨١] قال: أظهر الله تعالى آياته لأوليائه وجعل السعيد من عباده من صدقهم على كراماتهم، وأعمى أعين الأشقياء عن ذلك وصرف قلوبهم عنه، ومن أنكر آيات الأولياء فإنما ينكر قدرة الله تعالى، فإن القدرة تظهر على الأولياء الآيات، لا هم أنفسهم يقدرون على إظهارها، كما قال: ﴿وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ﴾ [٨١].

قوله: ﴿سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ﴾ [٨٥] قال: السنة مشتقة من أسماء الله تعالى السين سناؤه والنون نوره والهاء هدايته منه إياهم، فهم على سنن الطريق الواضح إليه.

والله أعلم.


(١) كذا في الأصل.
(٢) فيض القدير ٢/ ٤٤.

<<  <   >  >>