فقال يا بني: معاناة معانيه إدراكًا لحقائقه لهيبًا يحرق باطن الإثم من نفسك، لأخذ حظك من النور!
قلت: وما الطريق إليه؟!
قال: تكَلَّفْه حتى يصير التكلف طبعًا، فالنفس معتادة متحملة لما تتكلف، هي النفس ما عودتها تتعود!.
* وسألته عن سبب إتقانه للقرآن!
فقال: يا بني دع عنك كل شيء، ما حفظنا القرآن إلا في جَوْفِ الليل.
٦ - كثير مما كتب، ويكتب عن تدبر القرآن = مكرورٌ لا إبداع فيه!
الإبداع: أن تخوض التجربة!.
٧ - «انظر إلى موسى - صلوات الله وسلامه عليه - رمى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه بيده فكسرها، وجر بلحية نبي مثله، وهو هارون، ولطم عين ملك الموت ففقأها، وعاتب ربه ليلة الإسراء في محمد ﷺ ورفعه عليه = وربه تعالى يحتمل له ذلك كله، ويحبه ويكرمه، لأنَّه قام لله تلك المقامات العظيمة في مقابلة أعدى عدو له، وصدع بأمره، وعالجَ أمتي القبط وبني إسرائيل أشد المعالجة، فكانت هذه الأمور كالشعرة في البحر.
وانظر إلى يونس بن متى حيث لم يكن له هذه المقامات التي لموسى، غاضب ربه مرة، فأخذه وسجنه في بطن الحوت، ولم يحتمل له ما احتمل لموسى، وفرق بين من إذا أتى بذنب واحد، ولم يكن له من الإحسان والمحاسن ما يشفع له، وبين من إذا أتى بذنب جاءت محاسنه بكل شفيع، كما قيل: