للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [الزمر: ٣٣] (١)، وهو:

التاسع والخمسون ومائة، اتقى المبلِّغ عقوبة الكتمان، واتقى المبلَّغ إليه عقوبة العصيان، فلهم ما يشاؤون، ﴿كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ﴾ [النحل: ٣١].

وكان ذلك كله لئلَّا يقول: ﴿لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ (٢)، وهو:

المُوَفِّي ستيق ومائة، وصدَّق من وجه وكذُّب من آخر، وذلك أنَّ الله لو هداه لكان من المتقين، فإن كان قال هذا باعتقاد صحيح فلا يخلو أن يكون يوم القيامة أو في الدنيا، فإن كان في القيامة فهو صِدْقٌ، ولكن في وقت لا ينفع، وإن كان في الدنيا فهي سخرية، كقولهم: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ (٣) [الزخرف: ٢٠]، والصحيحُ أنه في وقت لا ينفع، لأنها كلمات ثلاث؛ ﴿يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٥٣]، و ﴿لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي﴾ [الزمر: ٥٤]، ﴿لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً﴾ [الزمر: ٥٥]، وشَيْءٌ من من ذلك لم يكن فيما يصح أن يكون، ولا يكون من جميعها في المستقبل شيءٌ (٤)، وإن جاز أن يكون.


(١) في النسخ: فمن جاء بالصدق وصدق به فأولئك هم المتقون.
(٢) [الزمر: ٥٤].
(٣) في النسخ: لو شاء الله.
(٤) في (ك) و (ص) و (ب): بالخبر، وضبَّب عليه في (د)، والمثبت من طرته.