للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى سفيان عن عكرمة عن أبي هريرة يَبْلُغُ به النبي قال: "إذا قضى الله أمرًا (١) في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خُضْعَانًا لقوله، كأنها سلسلة على صفوان، فإذا فُزِّعَ عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا -للذي قال-: الحق، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترقو السمع، وتسترق (٢) السمع هكذا؛ واحد فوق آخر، ووصف سفيان بيده، ففرَّج بين أصابع يده اليمنى، نصبها بَعْضًا فوق بعض، فربَّما أدرك الشهابُ المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه، وربَّما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه، يرمي بها الأعلى إلى الذي هو أسفل منه، حتى يلقوها إلى الأرض، حتى تنتهي إلى الأرض، فتلقى على فم الساحر؛ فيكذب معها مائة كذبة فيُصَدَّق، فيقولون: ألم نخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا؟ فوجدناه مُحِقًّا للكلمة التي سُمعت من السماء" (٣)، لفظُ البخاري.

[نقضُ قول الصوفية: إن صفاء القلب مُوجِبٌ لتجلي المعلومات]:

وتزعم الصوفية من الغُلَاةِ أنه صفاء في القلب، تتجلَّى فيه المعلومات عند مقابلة مكتوب الله بها (٤) للقلوب، وقد بيَّنَّا فساد هذا في كتاب "العواصم" (٥) وغيره.

ومن أَبْيَنِ (٦) ما يُرَدُّ عليهم به: أنه لو كان تَجَلِيًّا للقلوب بما في اللوح المحفوظ لمقابلته للصَّافي منها لما خَفِيَ عليه شيء، ولعَلِمَ مائة ألف شيء


(١) في (ك) و (ص): في السماء أمرًا.
(٢) في (ك): مسترق، وفي (ب) و (ص): مسترقو.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التفسير، سورة الحجر، رقم: (٤٧٠١ - طوق).
(٤) في (ك) و (ص) و (ب): لها.
(٥) العواصم: (ص ١٨).
(٦) في (ص): أيمن.