للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْيُ الجهة عن الله تعالى:

قال الإمامُ أبو بكر: "هذا الإله المُقَدَّسُ الذي استوى على العرش؛ هو الذي في السماء إله، وفي الأرض إله، وهو الذي ينزلُ إلى السماء الدنيا كلَّ ليلة، وهو الذي يكون مع كل مُتَنَاجِيَيْنِ، وهو الذي يكون بين العبد وبين رَأْسِ رَحْلِه، وهذا يردُّ أهلَ الغباوة على بطلان ما يريدون أن يُثْبِتُوا من جِهَةٍ لله أو مقدار؛ فإنَّ الذي يكون على العرش لو كان مُقَدَّرًا لاستحال أن يكون في السماء، لأنَّها أقلُّ من العرش، واستحال أن يكون بين المرء ورَحْلِه؛ فإنه أقل من شِبْرٍ، وليس بعد هذا البيان من الشرع لمن خالفه إلَّا العذابُ والهوان" (١).

وقال - أيضًا -: "قال علماؤنا: لو لم يكن من المضاهاة بين من قال: إن المعبود في السماء، وبين فرعون إلَّا هذا القول؛ لكان كافيًا لخَزْيِ (٢) من قال ذلك، فقد كذب فرعون في قوله: إن الإله في السماء، ولو كان ذلك صحيحًا لكان فرعون مصيبًا من وجه، قال الله: ﴿وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ﴾ [غافر: ٣٧]، فأخبر أن اعتقاده أن المعبود في السماء باطل، وأنه بذلك مصدود عن سبيل الرشاد، ﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ [غافر: ٣٨] " (٣).


(١) سراج المريدين: (٣/ ١٨٢).
(٢) في (ص) لخِزي.
(٣) سراج المريدين: (٣/ ٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>