الثالثة: ضعف زهير بن محمد التميمي في رواية الشاميين عنه، وهذا منها.
الرابعة: المخالفة في الإسناد، فإن الصحيح عن الوليد بن مسلم: عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس كما تقدم فيما قبله.
وبعد، (فالصحيح) وقف حديث الترجمة على أبي هريرة كما رواه عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد"(ص ١٧٧) وعنه أبو نعيم (١/ ٣٨١) عن هدبة بن خالد، والبيهقي (٤/ ٢٩٧) عن حجاج بن منهال وعفَّان - ثلاثتهم - عن همام ثنا قتادة حدثنا أنس قال: قال أبو هريرة: ألا أدلكم على الغنيمة الباردة؟ قال: قلنا: وما ذلك يا أبا هريرة؟ قال: الصوم في الشتاء". وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وقال البيهقى: "هذا موقوف". قال السخاوى: "وهو أصح" - يعنى من حديث سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس مرفوعًا. وبيانه أن همام - وهو ابن يحيى العَوْذى - ثقة حافظ، معدود في كبار أصحاب قتادة، ومن الأثبات فيه - وله أوهام يسيرة - أما سعيد بن بشير - وإن وصفه بعضهم بالحفظ - إلا أنه كثير المناكير في قتادة خاصَّة، وليس أدل على ذلك من هذا الحديث. ولم يتفطن العلامة الألباني حفظه الله لهذه العلة، فحسَّن الحديث من مجموع طريقي عامر بن مسعود وأنس في "الصحيحة" (١٩٢٢).
فائدة: وثبت أيضًا عن عمر الفاروق رضى الله عنه وصف الشتاء بأنه: (غنيمة). فقد روى الإمام أحمد في "الزهد" (ص ١١٧, ١١٨) وابن أبي شيبة (٣/ ١٠٠, ١٣/ ٢٧٢, ٢٧٣) وأبو نعيم (١/ ٥١, ٣/ ٣١, ٨/ ١٣٣, ١٣٤) من طريق سليمان التيمي سمع أبا عثمان النهدى قال: قال عمر بن الخطاب: "الشتاء غنيمة العابدين".
وإسناده صحيح على شرطهما. ورواه أبو نعيم (٩/ ٢٠) من طريق ابن مهدى قال: قال عمر: ... فذكره معضلًا. ولا يضر أن يعضله ابن مهدى أو غيره بعد ثبوته متصلًا من وجه آخر بإسناد على شرطهما كما قدمنا. والله أعلى وأعلم.