(والحديث) -مرفوعا- ضعَّفه الألبانى جدًا في "ضعيف الجامع"(٣/ ٢٠١ - ٢٠٢) وأحال على "تخرج المشكاة"(٥٣٠١). وقال ابن عبد ربه الأندلسى في "العقد الفريد"(٢/ ٢٥٩) -كما كان مقيدًا عندى وفطنت إليه بعدُ-: "العتبى يرفعه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما الزهد في الدنيا؟ قال: أمَا إنه ما هو بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهد في الدنيا أن تكون بما في يد الله أغنى منك بما في يدك". وهذا إسناد لا قيمة له, معلق من أوله معضل في آخره، والعتبى أخبارى مشهور لم أجد فيه جرحًا ولا تعديلًا سوى قول الذهبي في "السير"(١١/ ٩٦): "وكان يشرب".
الحديث الثانى والسبعون:
" الساكت عن الحق شيطان أخرس".
لم أقف له على أصل صحيح ولا ضعيف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا موقوفًا على أحد من الصحابة أو التابعين ومتقدمي السلف رضوان الله عليهم، ولا رأيت أحدًا من المصنفين في "الأحاديث المشهورة" تعرض له بنفى أو إثبات، على الرغم من اشتهاره جدًا في أيامنا هذه. ومن طالع الصحف الجادَّة بانتظام وجد كثيرًا من المقالات قد صُدِّر بها هذا الكلام، وألصق بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم إلصاقًا بصيغة الجزم! سواء من أصحاب العمائم البيضاء أو غيرهم من أهل الفضل والصلاح، ومن الذين يظن بهم أنهم على قدر من الثقافة الإسلامية والتمييز العلمى.
نعم، المصدر الوحيد الذى وجدت فيه هذا الكلام، هو "الرسالة القشيرية" للإِمام أبي القاسم القشيرى رحمه الله إذ قال (ص ٦٢: باب الصمت): " ... والسكوت في وقته صفة الرجال، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال. سمعت الأستاذ أبا على الدقاق يقول: من سكت عن الحق، فهو شيطان أخرس".
وأبو على الدقاق هذا هو: "الحسن بن على بن محمد بن إسحاق بن