عن غير أبي الهيثم - سليمان بن عمرو العتوارى - فإنه كثير المناكير عنه. وهذا منها، ولذلك أورده ابن عدى ثم الذهبي (٢/ ٢٥) في جملة ما استنكر عليه.
ولقد عجبت وسررت أيضًا حينما وقفت لهذا الحديث على أصل من كلام بعض السلف. فقد (روى) عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد"(ص ٣٨٢) وعنه ابن عساكر (٩/ ٣٣) عن يحيى بن عثمان الحربي قال: نا أبو المليح عن يزيد بن يزيد - يعنى ابن جابر - قال: كان أبو مسلم الخولاني يكثر أن يرفع صوته بالتكبير حتَّى مع الصبيان، وكان يقول:"اذكر الله حتَّى يقول الجاهل أنك مجنون".
ورجاله كلهم ثقات لكنه منقطع بين يزيد بن يزيد وأبى مسلم. ولكن له متابع رواه ابن عساكر أيضًا من طريق إسماعيل بن عياش عن عقيل بن مدرك عن لقمان ابن عامر عن أبى مسلم الخولاني أن رجلًا أتاه فقال له: أوصنى يا أبا مسلم قال: اذكر الله تحت كل شجرة وحجر. قال: زدنى. قال: اذكر الله حتَّى يحسبك الناس من ذكر الله مجنونًا. قال: فكان أبو مسلم يكثر ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ، فرآه رجل يذكر الله عَزَّ وَجَلَّ فقال: أمجنون صاحبكم هذا؟ فسمعه أبو مسلم فقال: ليس هذا بالجنون يا ابن أخي، ولكن هذا دواء الجنون".
ورجاله كلهم ثقات إلا أن عقيل بن مدرك وثقه ابن حبان وحده - فيما نعلم - وروى عنه جماعة. وأبو مسلم الخولاني - تابعى جليل اسمه: عبد الله بن ثوب - بضم ففتح - وهو ثقة عابد، من الثانية، رحل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يدركه، وعاش إلى زمن يزيد بن معاوية كما في "التقريب" (٨٣٦٧) ثم وجدت نحوه عن أبي الدرداء رواه ابن عساكر (١٣/ ٧٥٣) بسند ضعيف واهٍ فيه ثلاث علل.