قلت: وتكلم على هذه الطريق (١/ ٢٥٧, ٢٥٨) كلامًا حاصله:
١ - أن عبد الرزاق رواه عن معمر - فلم يقم إسناده - فقال:"عن عبد الكريم الجزري عن زياد بن أبى مريم عن عبد الله" وأوقفه بلفظ: "الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له".
٢ - وأن ابن المبارك (٣٦) أيضًا رواه عن معمر فقال "عن عبد الكريم عن أبى عبيدة عن أبيه" وأوقفه مقتصرًا على قوله: "الندم توبة".
٣ - وأن ابن المدينى رواه عن عبد الرزاق عن معمر هكذا، ثم قال: قال لنا عبد الرزاق: "وهذا وهم، اجعلوه عن رجل عن ابن مسعود".
وقد أوقفه على ابن مسعود ثقة ثالث - هو محمد بن ثور الصنعانى- فقد قال ابن أبى حاتم فى "علل الحديث"(٢/ ١٤١): "سألت أبى عن حديث رواه ابن ثور عن معمر عن عبد الكريم الجزرى عن أبى عبيدة بن عبد الله عن ابن مسعود قال: الندم توبة، التائب من الذنب كمن لا ذنب له. قال أبى: هذا خطأ إنما هو: عبد الكريم عن زياد بن الجراح عن ابن معقل قال: دخلت مع أبى على ابن مسعود.
قلت: هذا الترجيح صواب بشأن رواية ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "الندم توبة". حَسْبُ. أما لفظة: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، فلا أعلم لها إسنادًا إلا من طريق معمر عن عبد الكريم الجزرى على الخلاف المتقدم إسنادًا، ورفعا ووقفا.
وإنما روى جماعة من الثقات وغيرهم عن عبد الكريم بالسند الذى رجحه أبو حاتم، قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "الندم توبة". وقد أفاض الخطيب جدًا
(٣٦) رواية ابن المبارك وصلها الخطيب من طريق نعيم بن حماد عنه، وهى ثابتة فى "زوائد الزهد" (١٦٨) ونعيم يرويه من كتاب - حتى لا يتعلل بعدم ثبوته عن ابن المبارك من أجل ما فى نعيم بن حماد من مقال تقدم فى الحديث العاشر.