ورويناه في "الذكر" لجعفر بن أحمد بن فارس من وجه آخر عن ابن عباس، وفى إسناده محمد بن حميد الرازي وفيه مقال، ولفظه:"يحط الشيطان فاه على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس".
وأخرجه سعيد بن منصور من وجه آخر عن ابن عباس ولفظه:"يولد الإِنسان والشيطان جاثم على قلبه ... "الخ.
قلت: طريق حكيم بن جبير عند الطبرى (٣٠/ ٣٥٥) والحاكم (٢/ ٥٤١) عنه عن سعيد بن جبير به. وقال الحاكم:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وقال الذهبي (خ م). وهذا وهم منهما - رحمهما الله - فإن حكيمًا على ضعفه من رجال السنن الأربعة وحدها. وقال الحافظ (١٤٦٨): "ضعيف، رمى بالتشيع".
وأما محمد بن حميد الرازي - وهو شيخ الطبرى في الطريق الثانية - وإن كان متهمًا شديد الضعف - فقد وجدت له متابعة جليلة جدًا، (إذ رواه) الحافظ الكبير أبو بكر بن أبى شيبة في "مصنفه"(١٣/ ٣٦٩) عن جرير عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله "الوسواس الخناس" قال: "الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس". وإسناده صحيح على شرطهما.
وفى هذا مزيتان:
الأُولى: صحة إسناده إلى ابن عباس. وقد فات الحافظ فجزم بضعفه.
الثانية: شدة مشابهته لحديث أنس المرفوع - بخلاف رواية البخاري المعلقة ورواية الطبرى والحاكم الضعيفة. وبه يعلم ما في قول العلامة الألباني حفظه الله في "السلسلة الضعيفة"(١٣٦٧) - بشأن رواية البخاري المعلقة - "فهذا غير حديث الترجمة كما هو ظاهر". وكذلك وصفه للأثر بالوقف وهو لا مجال للرأى فيه. وأستبعد أيضًا أن يكون ابن عباس قد استفاد هذا من الإِسرائيليات في مثل