كذا قال، وأنما هو: أبو فروة - واسمه يزيد بن سنان كما تقدم - وقد ضعَّفه الجمهور، وقال النسائي: متروك. وقال البخاري - وحده -: مقارب الحديث. أما ابن أبي فروة المجمع على تركه، فاسمه: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة الأموى المدني.
وصنيعه - عفا الله عنه - يدل على أنه لم ينظر في كلام الترمذي بنفسه، وإلا لوجده يقول:"حدثنا أبو كريب. حدثنا وكيع عن يزيد بن سنان الجزرى ... " حتَّى قال: "هذا حديث غريب، ويزيد بن سنان الجزرى هو أبو فروة الرهاوى"! يؤكد ذلك أنَّه ليس في كلامه المتقدم أدنى إشارة إلى الاختلاف بين روايتى الترمذي والطبرانى في إثبات ابن عطاء وحذفه. هذا، ووكيع أثبت من الفضل بن موسى السينانى - راويه عند الطبراني -، وعليه فعلته الثانية أن ابن عطاء لم يُسَمَّ، فإن كان يعقوب فهو ضعيف. ولذلك قال الحافظ رحمه الله في "التقريب"(٨٤٨٢): "ابن عطاء، شيخ لأبي فروة، كأنه يعقوب، وإلا فمجهول".
وهذا الحديث من الأحاديث القليلة الضعيفة في كتاب "رياض الصالحين" للإِمام أبي زكريا النووي روَّح الله روحه. ومتنه أيضًا منكر لمعارضته لحديث صحيح يجيز الشرب مرة واحدة، وهو ما رواه الإِمامان مالك وأحمد، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم - كلهم عن مالك - من طريق أبي المثنى الجهنى قال:"كنت عند مروان بن الحكم، فدخل عليه أبو سعيد الخدرى، فقال له مروان بن الحكم: أسمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه نهى عن النفخ في الشرب؟ فقال له أبو سعيد: نعم، فقال له رجل: يا رسول الله إني لا أروى من نفس واحد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فأبن القدح عن فيك ثم تنفس، قال: فإنى أرى القذاة فيه، قال: فأهرقها".
وقد خرجه الشيخ الألبانى في "الصحيحة"(٣٨٥) واقتصر على تحسينه لأنَّ أبا المثنى هذا جَهَّله ابن المدينى، ووثقه ابن معين وابن حبان وروى عنه ثقتان. وصحح الحديث أيضًا الذهبي والنووى والمناوى.