وسيأتى ذكر حديث أبي سعيد الخدرى، وحديث سهل بن سعد في تخصيص حيات المدينة بالإِذن في باب صيفى من هذا الكتاب - إن شاء الله. وقال آخرون: لا تقتل حيات البيوت بالمدينة ولا بغيرها حتَّى تؤذن، فإن عادت قتلت، ومن حجتهم ... " فذكر حديث أبي ليلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن حيات البيوت، فقال: إذا رأيتم منهن شيئًا في مساكنكم فقولوا: أنشدكم (٣٦) العهد الَّذي أخذ عليكم سليمان أن تؤذونا، فإن عدن فاقتلوهن. قال: "فلم يخص في هذا الحديث بيوت المدينة من غيرها، وهو - عندى - محتمل للتأويل، والأظهر فيه العموم. وقال آخرون: لا تقتل ذوات البيوت من الحيات بالمدينة أو بغير المدينة، واحتجوا بظاهر حديث أبي لبابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه نهى عن قتل الجنان التي في البيوت - لم يخص بيتا من بيت، ولا موضعا من موضع، ولم يذكر الإِذن فيهن. وقال الآخرون: يقتل من حيات البيوت، ذو الطفتين والأبتر - خاصة بالمدينة وغيرها من المواضع دون إذن ولا إنذار، ولا يقتل من ذوات البيوت غير هذين الجنسين من الحيات. واحتجوا بما حدثناه ... " فذكر بإسناده إلى الإِمام مالك، عن نافع عن أبي لبابة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت، إلا أن يكون ذا الطفتين والأبتر، فإنهما يخطفان البصر، ويطرحان ما في بطون النساء. قال: "ومن حديث نافع عن سائبة - مثل هذا سواء، وسيأتى في موضعه من كتابنا هذا - إن شاء الله. وحدثنا ... " فذكر بإسناده إلى الإِمام أحمد قال: محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عبد ربه، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أنَّه كان يأمر بقتل الحيات كلها، فقال له أبو لبابة: أما بلغك أن رسول الله
(٣٦) الحديث رواه من طريق أبي داود، وهو عنده بلفظ: "أنشدكن العهد الَّذي أخذ عليكن نوح، أنشدكن العهد ... " الحديث. وفي إسناده ابن أبي ليلى، وهو صدوق سيء الحفظ جدًا.