أبي در كما تقدم. وهذا هو الأشبه، وإلا فعمرو بن واقد هالك في الضعف، فلا يبعد من مثله أكثر من ذلك. وتعيين محل الخلل في مثل هذه الحالة لا جدوى من ورائه، فإن رفع الحديث وهم، (وإنما) صح هذا الكلام من قول أبي مسلم الخولانى من رواية يونس بن حَلْبَس عنه، ومن قول يونس نفسه أيضًا.
١ - فروى الإِمام أحمد في "الزهد"(ص ١٨) من طريق خالد بن صبيح حدثنا يونس بن حلبس قال: قال أبو مسلم الخولاني: "ليس الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، إنما الزهادة في الدنيا أن تكون بما في يدى الله أوثق مما في يديك، وإذا أصبت بمصيبة كنت أشدَّ رجاءً لأجرها وذخرها من أنها لو بقيت لك". وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات. وخالد بن صبيح هو: خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح أبو هاشم الدمشقي قاضي البلقاء، ثقة من رجال "التهذيب".
٢ - وروى ابن الأعرابي في "الزهد وصفة الزاهدين"(ص ٢٠) وعنه البيهقى في "الشعب"(٢/ ٣/ ١٥٦ ب) عن أبي داود الحرانى وفي (٣/ ٣/ ١٠٢ أ) من طريق ابن أبي الدنيا كلاهما عن أبي مسلم الحرانى، قال: حدثنا مسكين بن بكير، عن محمد بن المهاجر، عن يونس قال:"ليس الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال، ولا بإضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك، وأن يكون حالك في المصيبة، وحالك إذا لم تصب بها سواء، وأن يكون ذامك ومادحك في الحق سواء". وإسناده جيد رجاله ثقات، وأبو مسلم الحرانى اسمه: الحسن بن أحمد بن أبي شعيب - من شيوخ مسلم - ومسكين بن بكير صدوق لكنه يخطئ في حديث شعبة خاصة (انظر الحديث الخمسين من هذا الكتاب). فإن لم يكن قَصَّر في إسناده، فالأثر ثابت من قول يونس بن ميسرة ومن روايته عن أبي مسلم. وهما من أجلة تابعي أهل الشام، إلا أن أبا مسلم - واسمه: عبد الله بن ثُوَب- قديم، رحل إلى النبي صلى الله عليه. وآله وسلم فلم يدركه.