للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: منهى عنه بحكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

والضرب الآخر: مستحب.

وأما الذى نهى عنه فهو استعمال سوء الظن بالمسلمين كافة على ما تقدم ذكرنا له. وأما الذى يستحب من سوء الظن فهو كمن بينه وبينه عداوة أو شحناء في دين أو دنيا، يخاف على نفسه مكره، فحينئذ يلزمه سوء الظن بمكائده ومكره لئلا يصادفه على غرة بمكره فيهلكه. وفي ذلك أنشدنى الأبرش:

وحسن الظن يحسن في أمور ... ويمكن في عواقبه ندامة

وسوء الظن يسمج في وجوه ... وفيه من سماجته حزامة

وأنشدنى محمد بن إسحاق الواسطى:

ما ينبغى لأخى ود وتجربة أن ... يترك الدهر سوء الظن بالناس

حتى يكون قريبًا في تباعده ... عنا ويدفع ضُرَّ الحرص بالياس

٢ - وبوَّب الإِمام الخطابى رحمه الله في "العزلة" (ص ١٦٨):

" باب: في التحذير من عوام الناس والتحرز منهم بسوء الظن فيهم، وقلة الثقة بهم، وترك الاستنامة إليها" وختم الكلام في ذلك في (ص ١٨٠) فطالعه فإنه نفيس.

وما أحسن ما حكاه - أثناء: "باب: في فساد الزمان وأهله" - (ص ١٨٨: ١٩٠) إذ قال: "قرأت لمنصور بن عمار في "صفة الزمان": تغير الزمان حتى كل عن وصفه اللسان، فأمسى خرفا بعد حداثته، شرسًا بعد لينه، يابس الضرع بعد غزارته، ذابل الفرع بعد نضارته، قاحل العود بعد رطوبته، بشع المذاق بعد عذوبته؛ فلا تكاد ترى لبيبًا إلا ذا كمد، ولا ظريفًا واثقًا بأحد، وما أصبح له حليفًا إلا جاهل، ولا أمسى به قرير العين إلا غافل؛ فما بقى من الخير إلا الاسم، ولا من الدين إلا الرسم، ولا من التواضع

<<  <  ج: ص:  >  >>