الثانية: عند البيهقي أيضًا -كما تقدم- من طريق حميد بن هلال عن أبي قتادة -يعنى العدوي- أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كتب إلى عامل له:"ثلاث من الكبائر: الجمع بين الصلاتين إلا في عذر، والفرار من الزحف، والنهبى".
وقال:"أبو قتادة العدوى أدرك عمر رضى الله عنه، فإن كان شهده كتب فهو موصول، وإلا فهو إذا انضم إلى الأول صار قويًا. وقد روى فيه حديث موصول عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في إسناده من لا يحتج به". فروى حديث ابن عباس.
قال ابن التركمانى رحمه الله في "الجوهر النقى": "قلت: أبو العالية أسلم بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسنتين، ودخل على أبي بكر وصلى خلف عمر. وقد قدمنا غير مرة أن مسلمًا حكى الإِجماع على أنه يكفى لاتصال السند المعنعن ثبوت كون الشخصين في عصر واحد. وكذا الكلام في رواية أبي قتادة العدوى عن عمر، فإنه أدركه كما ذكر البيهقي بعد، فلا يحتاج في اتصاله إلى أن يشهده". اهـ.
قلت: هذان الإِمامان دندنا حول رواية أبي العالية عن عمر، وليس في اتصالها أدنى ارتياب -وأغفلا العلة الحقيقية التى سأذكرها بحول الله وقوته. وسماع أبي العالية من عمر، فثابت قطعًا، فقد روى الإِمام أحمد في "الزهد"(ص ١١٨) وابن أبي شيبة (١٠/ ٣٢٢, ٣٢٣) بسند صحيح عنه قال: "أكثر ما كنت أسمع من عمر بن الخطاب: "اللهم عافنا واغفُ عنا".
والصواب إعلال هذا الإِسناد بعدم سماع قتادة له من أبي العالية، فقد روى ابن أبي حاتم في "المراسيل" (٦٢٨) عن على بن المديني قال: سمعت يحيى بن سعيد قال: قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أشياء. قلت ليحيى: عُدَّها قال: قول على رضى الله عنه: "القضاة ثلاثة"؛ وحديث: "لا صلاة بعد العصر"، وحديث: "يونس بن متى". ورواه أيضًا في "التقدمة"