للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروِّحْهُ بِمَرْوَحَةِ الرجاءِ، واشرَبْهُ بملعَقَةِ الإخلاصِ، فإِنَّكَ إِنْ شرِبتَ هذِه الشَّرْبَةَ تُزِيلُ (١) الموادَّ الناسوتيَّةَ، وتُثبِّتُ القوَّةَ اللَّاهوتيَّةَ، وتشفِي (٢) مرضَ القلبِ، ويحصُلُ (٣) تصفيةُ الباطنِ وتنويرُهُ.

ثمَّ أعلم أيُّها الأخُ الطالبُ: أنَّه يجبُ على السالكِ أن يَجِدَّ غايةَ الجِدِّ والجَهْدِ في الانسلاخِ عَنِ الشهواتِ النفسانيَّةِ، ولا يحصُلُ القربُ إلى حضرةِ اللهِ تعالى إِلَّا بعدَ الانقطاعِ عَنِ الشهواتِ الظاهرةِ.

كما حُكِي: أنَّ رجلًا (٤) جاءَ (٥) مِنَ المشايخِ حَضَرَ بابَ السلطانِ، والسلطانُ في حَرَمِهِ، فرأى الناسَ (٦) محجوبينَ عنهُ، إلَّا خادمًا كانَ يدخُلُ حرمَ السلطانِ متى شاءَ بلا حِجَابٍ، فسألَ (٧) عن حالِهِ (٨) وسببَ مَحرَمِيَّتِهِ بحَرَمِ السلطانِ؟ قالوا: لأنَّ آلةَ شهوتِهِ مقطوعةٌ عنْهُ، فهو خَصِيٌّ ومجبوبٌ.

وقال (٩) الشيخُ: سبحانَ من أَشارَني ودلَّنِي على السلوكِ والقُربِ إِلى حَضْرَتِهِ بعدَ سبعينَ سنةً بخصيٍّ ومجبوبٍ (١٠)،


(١) في (ص): (تزيل).
(٢) في (ص): (ويشفى).
(٣) في (س): (وتحصل).
(٤) قوله: (رجل) هو في (ص): (واحدًا).
(٥) قوله: (جاء) سقط من (س).
(٦) في (ص): (الأمراء والنّاس).
(٧) في (ص): (الشيخ).
(٨) في (ص): (حال الخادم).
(٩) في "ص): (فقال)، وفي (س): (قال).
(١٠) تهذيب اللغة (١٠/ ٢٧٢): "المَجْبُوبُ: الخِصيُّ الَّذِي قد اسْتُؤْصِلَ ذَكَرُهُ وخُصْيَاهُ، وَقد جُبَّ جَبًا".

<<  <   >  >>