(٢) وهو أحد قولي المالكيّة، والقول الآخر بالتأقيت، كقول عامّة العلماء، واستدلّوا للقول بجواز المسح بلا تأقيتٍ بما رُوِيَ عن النبيِّ ﵌ أنَّه قالَ لِمَن سَأَلَهُ عن مدّةِ المسحِ بعد أن وصل إلى سبعةٍ: "نعم، وما بدا لكَ"، فقد أخرج سنن ابن ماجه في سننه برقم (٥٥٧) عن أبيِّ بن عمارَةَ ﵁، وكانَ رسولُ الله ﷺ قد صلّى في بيتِهِ القبلتينِ كلتَيْهِما، أنَّه قالَ لرسولِ اللهِ ﷺ: أمسَحُ على الخفّينِ؟ قال "نعم" قال: يومًا؟ قال: "ويومينِ" قال: وثلاثًا؟ حتى بلغ سبعًا. قال له: "ومَا بَدَا لكَ". وهو في سنن أبي داود برقم (١٥٨)، قال ابن القصّار المالكيّ في "عيون الأدلّة في مسائل الخلاف بين فقهاء الأمصار" (٣/ ١٢٧١): "فتُستَعْمَلُ الأخبارُ كلُّها، فمَنِ اختارَ أن يمسَحَ ثلاثًا جَازَ، ومن اختارَ التجاوزَ جازَ. وجواب آخر: وهو أنَّ النبي ﷺ تكلّمَ على الغالبِ من أمرِ المقيمِ أَنَّهُ يمسَحُ يومًا وليلةً؛ لأَنَّهُ أكثرُ ما يَلْبَسُ في الحضَرِ، وأنَّ الغالِبَ من أمرِ المسافِرِ أن يَبقَى خفُّهُ فِي رِجْلِهِ ثلاثةَ أَيَّامٍ وأمرَ بالاختيارِ مِنْ ذلكَ، ولم يُرِدْ منعَ مَن تجاوَزَ ذلكَ، ولا جعلَهُ حدًّا لا يُتَجَاوَزُ، ولو أرادَ ذلكَ لأكَّدَهُ بأنْ يقولَ: ولا يجوزُ تجاوُزُ ذلكَ. لا يُختَلَفَ فيه؛ فلمّا وَقَعَ خلافُ الصَّحابةِ في ذلكَ عُلِمَ أَنَّه لم يُرِدِ الحدَّ".