للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ اعلمْ أيُّها الطالبُ المُرتاضُ، فَعليكَ بأربعةِ أُمُورٍ الجوعُ والسهرُ والصمتُ والخَلوةُ.

أمَّا الجوعُ:

فإنَّه يُنقِصُ دَمَ القلبِ؛ فيُبَيِّضُهُ، وفي بياضِهِ نورٌ يُذيبُ (١) شحمَ الفؤادِ، وفي إذابَتِهِ ورِقَّتِهِ مفتاحُ المكاشَفَةِ، كما أنَّ قَسوتَهُ سَبَبُ الحِجابِ، ومهْمَا نَقَصَ دَمُ القلبِ ضاقَ مِنْهُ مَسالِكُ العدوِّ، فإنَّ مجاريهِ العروقُ الممتلئةُ بالشهواتِ (٢).

وقال عيسى : "يا معشرَ الحواريينَ، جَوِّعُوا بُطُونَكُم، لعلَّ قُلوبَكُم تَرَى ربَّكم" (٣).

قال (٤) سهلٌ (٥): ما صارَ الأبدالُ أبدالًا، إلا بأربَعِ خِصالٍ: إخماصِ البُطُونِ، والسهرِ، والصمتِ، والاعتزالِ عن الناسِ.

وفائدةُ الجوعِ في تنويرِ (٦) القلبِ أمرٌ ظاهرٌ يحصُلُ لكَ (٧) بالتجربةِ.


(١) في (ص): (ويذيب).
(٢) زيد في (ص): (لقولِهِ : إنَّ الشيطانَ يجرِي مِنَ [٢٠٤] ابنِ آدَمَ مَجْرَى الدمِ فضيِّقُوا مَجراها بالجوعِ والعطشِ)، وقوله: (الشهوات): سقط من (ص).
(٣) أوردَهُ الإمام الغزاليّ في الإحياء، وقال الزبيديّ في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (٤/ ١٥٩٩): قال العراقيُّ لم أجدْهُ، قال الزبيديُّ: رواهُ عبدُ الرحيمِ بنُ يحيى الأسودُ في كتابِ الإخلاصِ، هكذا عن طاووسَ عن النبيِّ أنّه قال كذا في القوت. وقال ابن السبكيّ: (٦/ ٣٣٤) لم أجد له إسنادًا.
(٤) في (ص): (وقال).
(٥) (سهل بن عبد الله بن يونس التستري، أبو محمد: (أحد أئمة الصوفية وعلمائهم والمتكلمين في علوم الإخلاص والرياضيات وعيوب الأفعال تـ: (٢٨٣ هـ) "الأعلام" (٣/ ١٤٣).
(٦) في (س): (تنور).
(٧) في (س): (له).

<<  <   >  >>