للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع ذلك: فإنهم تلقوا بعض الكلمات عن النَّبي بأوجه مختلفة، فمثلًا: كلمة (ضنين) في قوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ٢٤﴾ [التكوير: ٢٤]، قُرئت بالضاد، وقُرئَت بالظاء (بظنين)، وقد تلقاها الصحابة عن رسول الله .

ومن هنا ظهرت الأوجه المختلفة في أداء كلمات القرآن الكريم، واختار كل صحابي لنفسه قراءة مما أخذه عن النبي ، ومما اجتهد فيه مما يجوز الاجتهاد فيه.

وفي تلك المرحلة، كان الصحابة يعلم بعضهم بعضًا القرآن، ولما تم جمع عثمان ، انتصب بعض الصحابة لإقراء القرآن، وصار الناس يرحلون من الأمصار للأخذ عنهم، والقراءة عليهم.

وتشكلت في هذه المرحلة مسألة التلقي الشفوي للقرآن، بأن يرحل الطالب إلى شيخ فيتلقى عنه القرآن، وقد ظهر في ذلك الزمن أئمة صاروا أئمة الإقراء في زمانهم، ومثَّلت هذه القراءات اختيار هؤلاء القراء مما أخذوه، وتلقوه عن شيوخهم إلى الصحابة رضوان الله عليهم، وكثرت الاختيارات وتنوعت.

وكانت هذه الفترة تمهيدًا للمرحلة التي بعدها، وهي فترة التدوين لروايات القراءات مع توفرها وبروزها ووضوحها وكثرتها.

وفي مرحلة من تلك المراحل اختار الإمام أبو بكر ابن مجاهد (ت: ٣٢٤)، سبعة قراء من قراء الأمصار الإسلامية الكبرى، اشتهروا بالضبط والإتقان، ورجوع الناس إليهم في القراءة، وجمَعَ اختياراتهم في كتابه: «السبعة في القراءات»، وهم: «نافع المدني، وابن كثير المكي، وأبو عمرو بن العلاء البصري، وابن عامر الشامي، وعاصم الكوفي، وحمزة بن حبيب الزيات

<<  <   >  >>