للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لم يأتِهِ منها خَبَرَا (١) ،

فنزلَتْ: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا *} (٢) : ضبَحَتْ (٣) بمناخرها؟


(١) كذا بالنصب في جميع النسخ، وفي مصادر التخريج: «لم يأتِهِ منها خَبَرٌ» ، و «لا يأتيه منها خَبَرٌ» ، و «لم يأتِهِ خَبَرُهَا» ، و «لا يأتيه خَبَرُهَا» بالرفع في جميعها على الفاعلية بـ «يأتي» ، وهو الجادَّة، أما ما وقع عندنا في النسخ، فقد يقال في توجيهه وجهان:
الأوَّل: أنَّ الكلمة منصوبة على نزع الخافض، والتقدير: لم يأتِ أحدٌ رسولَ الله (ص) مِنْ هذه الخيل بخبر، أو لم يأتِهِ آتٍ منها بِخَبَرٍ، ثم حُذِف الخافض، وهو حرف الجر «الباء» ، فانتصَبَ ما بعده، فصار: لم يأتِهِ أحدٌ منها خَبَرًا. وفاعلُ «يأتِهِ» ضميرٌ يعود إلى أَحَدِ هذه السريَّة، وهو مفهوم من السياق. وقد علقنا على ذلك في المسألة رقم (٤٠٠) . وانظر في نزع الخافض: التعليق على المسألة رقم (١٢) .
والوجه الثاني: أنَّ الكلمة مرفوعةٌ على الفاعلية، وإنما جاءت على صورة المنصوب من أجل السجع مع قوله: «شَهَرَا» ؛ فإنَّ المتكلِّم قد يلجأ إلى بعض تصرُّف في الكلمة على خلاف قاعدتها في اللسان العربي مراعاةً للسجع المتناظر. انظر التعليق على المسألة رقم (٨٦٦) .
وإن شِئتَ أضفْتَ إلى ذلك ما قرَّره النحاة من أنَّ القرينة المعنوية على كون الكلمة فاعلاً: إذا كانت ظاهرة من السياق، فيُستغنى بها عن القرينة اللفظية التي هي علامة الرفع - مثلما وقع هنا - كما في قولهم: «خَرَقَ الثوبُ المسمارَ» ، ويُستغنى بها عن الرتبة؛ كما في قولهم: «أَكَلَتِ الكُمَّثْرَى سَلْمَى» . انظر التعليق على المسألة (٤٧٩) .
إذا تقرَّر هذا، فإنَّ على هذا الوجه تضبط كلمة «شَهَرَا» بفتح الهاء؛ لازدواج السَّجْعة مع «خَبَرَا» ، وعند الصرفيين أنَّ كل اسم أو فعل على وزن «فَعْل» بسكون العين وكانت عينه حرف حلق، فإنه يجوز فيه فتح عينه، فتقول: بَحْرٌ وبَحَرٌ، ونَهْرٌ ونَهَرٌ، فكذلك هنا تقول في: «شَهْر» : «شَهَرٌ» . وهذا من تفريعات تميم على لغة أهل الحجاز. انظر "شرح شافية ابن الحاجب" (١/٣٩-٤٧) .
(٢) الآية (١) من سورة العاديات.
(٣) قوله: «ضبحت» سقط من (ك) . والضَّبْح: صوتُ النَّفَسِ من مناخر أنوفِ الخيل عند عَدْوِهَا. "غريب الحديث" للخطابي (٢/٣٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>