للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا المعنى لا ينبغي لأَحَدٍ تَمَنِّي الموت، فإن النبي نهى عنه، قال فيما ثبت وصَحَّ من طُرُقٍ عديدة (١) عن حارثة بن مُضَرِّب: "دخلتُ على خَبَّاب وقد اكتوى"، وذَكَرَ الحديث إلى قوله: "ولولا أن رسول الله نهى أن يُتَمَنَّى الموت لتمنَّيناه" (٢).

وفي حديث عمر بن الخطاب (٣) أنه قال (٤): "انتشرت رعيتي، وضعفت قوتي، فاقبضني إليك غير مفتون" (٥).

فلم يَتَمَنَّ الموتَ خبَّابٌ لأجل الألم الذي كان طاف به، وسأل عمرُ الموتَ لأنه خاف أن يُرَدَّ إلى أرذل العمر؛ لأنه قد كان النبيُّ يستعيذ منه، وتوقَّع التقصير في أمور الرعية.

هذا، وقد جُبِلَ المرء على حُبِّ الحياة، فإن كان رُكونًا إلى الدنيا فله الويل الطويل من الغَبْنِ (٦)، وإن كان ليستدرك (٧) ما فَرَطَ منه فنِعْمَ بقية العمر إن سَلِمَ له من الأُبَنِ (٨)، وإن كان تمني الموت ممَّا يرى من المنكر فإنه


(١) ينظر: الصحيح للبخاري: كتاب التمني، باب ما يكره من التمني.
(٢) أخرجه معمر في الجامع: باب تمني الموت، (١١/ ٣١٤)، رقم: (٢٠٦٣٥)، ومن طريقه الطبراني في أكبر معاجمه: (٤/ ٧١)، وأبو نُعَيم في الحلية: (١/ ١٤٤).
(٣) لم ترد في (د) و (ز).
(٤) في (ز): انتقال، وهو تصحيف.
(٥) أخرجه الإمام مالك في الموطأ: كتاب الرجم والحدود، باب ما جاء في الرجم، (٢/ ٢٥٨)، رقم: (٢٤٧٤ - المجلس العلمي الأعلى).
(٦) في (س) و (د): العتق.
(٧) في (س) و (د): ليستدرك.
(٨) في (د) و (ز): المحن.