للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال : "إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله وأعلمكم بحدوده" (١)، فأفادكم هذا أن التُّقَى إنما يكون على مقدار العلم وحضوره، فمن كان أعلم كان أتقى، وتترتَّب منازلهم على حسب مراتبهم في العِلْم.

الثامن والأربعون ومائة: قَوْلُه تعالى لمُحَمَّدٍ: ﴿وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ (٢)

كذلك كان؛ أخشى الخلق لله، وأعلمهم بما يتقي، كما أخبر عن نفسه (٣).

ومعناه: اتق الله أن تخرج ما في نفسك، كذلك فعل، فقال: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ الآيات إلى قوله: ﴿مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب: ٣٧ - ٣٨]، فأظهر الله من سِرِّهِ ما لم يقدح في قَدْرِه، ولا أنكر من أَمْرِه، وأنبأ عن طهارة علانيته وجَهْرِه (٤)، صلَّى الله عليه ما دَارَ طَوْقُ حَمَامٍ في نَحْرِه، وهَطَلَ سحابٌ بقَطْرِه.

التاسع والأربعون ومائة: قَوْلُه للنساء: ﴿وَاتَّقِينَ اللَّهَ﴾ (٥)

وهُنَّ أحق بالتقوى لكثرة عصيانهن (٦)، وهذا مَوْضِعُ كلام للمعاصي التي ينفرد بها الرجال دون النساء، فيتأكد (٧) عليهن في ذلك التقوى، كما


(١) أخرجه مسلم فى صحيحه عن أم المؤمنين عائشة : كتاب الصيام، باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جُنُبٌ، رقم: (١١١٠ - عبد الباقي).
(٢) [الأحزاب: ٣٧].
(٣) هو الحديث السَّابق.
(٤) فى (ك) و (ص) و (ب): سِرِّه، ومرَّضها في (د)، والمثبت من طرته.
(٥) [الأحزاب: ٥٥].
(٦) فى (د): عصيانهم.
(٧) في (ك) و (ص): فتتأكد، في (ب): فأكد.