للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: من صفة ملائكتي، لأن العبد إذا لم يأكل تَشَبَّهَ بالملائكة، وهو (١) أقوى من الأول عندي وأوْلى، فعليه ينبغي أن يكون المعوَّل.

الخامس: أنا الذي أعلمُ مقدار ثوابه، وقد تقدَّم ذِكْرُه في الأقوال.

السَّادس: أن معنى قوله: "الصوم لي"، أي: يَقْمَعُ عَدُوِّي، وهو الشيطان؛ لأن سَبِيلَ الشيطان إلى الآدمي الشهواتُ، فإذا تُرِكَتْ خاب (٢) وذَلَّ، وانحَسَر (٣) وانْخَنَسَ.

السَّابع: رُوِيَ - ولم يصحَّ، فربُّك أعلم -: "أن غُرَمَاءَ العبد لا يُجْعَلُ لهم إلى الصوم سَبِيلٌ" (٤)، وذلك عندي - والله أعلم - إذا لم يكن مَعْلُومًا لأحد، ولا مَكْتُوبًا في الصُّحُفِ، فيسترُه الله له ويخبِّؤه عليه رِفْقًا به، حتى


(١) في (د) و (ص): هذا.
(٢) في (د) و (ص): ذاب.
(٣) مرَّضها في (د)، وفي (ص): انحشر، وفي (ز): انخسر.
(٤) قال ابن العربي (المسالك: ٤/ ٢٤١): "رُوي بعض الآثار: أن العبد يأتي يوم القيامة بحسناته؛ ويأتي قد ضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، فتدفع حسناته لغرمائه، إلا الصيام، يقول الله: هو لي، ليس إليه سبيل"، وقال ابن حجر (الفتح: ٤/ ١٠٩): "روى البيهقي من طريق إسحاق بن أيوب بن حسَّان الواسطي عن أبيه عن ابن عُيينة: إذا كان يوم القيامة يُحَاسِبُ الله عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من عمله، حتى لا يبقى له إلا الصوم، فيتحمَّل الله ما بقي عليه من المظالم، ويُدْخِله بالصوم الجنة"، وصحَّحه من قول ابن عُيَينة، واعترض أبو العباس القرطبي قول ابن العربي وردَّه في المُفْهِمِ: (٣/ ٢١٢)، وردَّ ابن حجر ما ذهب إليه أبو العباس، ومال إلى ما قرَّره ابن العربي، ينظر: الفتح: (٤/ ١٠٩)، والتوضيح لابن الملقن: (١٣/ ٢٦).