للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخصلة الثانية: "إلَّا الصوم"؛ ويَتَرَكَّبُ القولان على القِسْم الأوَّل في الخصلة الأولى، فيكون المعنى: أن الصوم لا يَعْلَمُ أَحَدٌ مقدار ما يُثَابُ (١) عليه، ويَدُلُّ عليه قوله فيه: "الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبع مائة ضعف، إلَّا الصوم، فإنه لي وأنا أَجْزِي به" (٢).

أو يكون المعنى: إلا الصوم، فإنه صِفَةٌ من صفاتي، إذ لا يَطْعَمُ، وأنا الذي لا يَطْعَمُ بحال (٣)، ولا يجوز عليه أن يَطْعَمَ، فإذا تَكَلَّفَ ذلك العَبْدُ وتعاطاه فلا تعلم نَفْسٌ قَدْرَ ثوابه.

الخصلة الثالثة: قوله: "لي"؛ وفيه أقوالٌ، لُبَابُها سَبْعَةٌ (٤):

الأوَّل: "لي (٥) "، أي: صِفَتِي، كما تقدَّم، فمن تعاطاه فثوابُه غير مُحَصَّلٍ لأَحَدٍ.

الثاني: أضافه إليه إضافةَ تَشْرِيف - وإن كانت الأعمال كلُّها له - كما قال: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ﴾ [الحج: ٢٤]، تنبيهًا على شَرَفِه (٦).

الثالث: أي: لا يعلمه غيري (٧)؛ فإن كلَّ عَمَل لا يمكن العبد أن يستره (٨) إلا الصوم، فيُمكن أن لا يطَّلع عليه أَحَدٌ إلا الله (٩).


(١) في (ص): مقدار ثوابه.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ الإمام مالك في الموطَّأ عن أبي هريرة : كتاب الصيام، جامع الصيام، (١/ ٣٥٦)، رقم: (٨٦٤ - المجلس العلمي الأعلى).
(٣) ينظر: التوضيح لابن الملقن: (١٣/ ٢٧).
(٤) ينظر: القبس: (٢/ ٤٨١)، والعارضة: (٣/ ٣٢٤).
(٥) سقطت من (س) و (ص).
(٦) في (ص): شرفها.
(٧) في (س) و (ف): غيره.
(٨) في (س): يشهره.
(٩) غريب الحديث لابن سلَّام: (٣/ ٣٢٩)، وشرح الصحيح للخطَّابي: (٢/ ٩٤٠).